نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (116)

ثم علل علمه بكل شيء بأن قدرته شاملة فهو قادر على نصرة من يريد و{[37297]} الانتقام ممن يريد ، فلا ينبغي لأحد أن يحب إلا فيه ولا يبغض إلا فيه ولا يهتم بعداوة أحد ممن عاداه فقال : { إن الله } أي الملك الأعظم { له } أي بكل اعتبار تعدونه من اعتبارات الكمال { ملك السماوات والأرض } فلا يخفى عليه شيء فهو خبير بكل ما ينفعكم و{[37298]} يضركم وهو وليكم ، يبينه{[37299]} لكم ، ومن كان له جميع الملك كان بحيث لا يستعصي على أمره شيء : علم ولا غيره ، لأن العلم من أعظم القوى والقدر ، ولا يكون الملك إلا عالماً قادراً ؛ ثم علل قدرته وعلمه بما يشاهد متكرراً من فعله في الحيوان والنبات وغير ذلك فقال : { يحيي ويميت } أي بكل معنى فهو الذي أحياكم وغيركم الحياة الجسمانية وخصكم أنتم بالحياة الإيمانية ، وكما جعل غيركم بعضهم{[37300]} أولياء بعض وجمعهم كلهم على ولاية عدوهم الشيطان جعلكم أنتم أولياء ربكم الرحمن فهو وليكم وناصركم { وما } أي والحال أنه ما { لكم } ولما{[37301]} كان ليس لأحد أن يحوز كل ما دون رتبته سبحانه ، أثبت الجار فقال . { من دون الله } أي الملك{[37302]} الذي له الأمر كله ، وأغرق في النفي بقوله{[37303]} : { من ولي } أي قريب يفعل معكم من الحياطة والنصح ما يفعل القريب من النصر وغيره .

ولما كان الإنسان قد ينصره غير قريبه قال . { ولا نصير* } أي فلا توالوا{[37304]} إلا من كان من حزبه وأهل حبه وقربه ، وفيه تهديد لمن أقدم على ما ينبغي أن يتقي لا سيما الملاينة لأعداء الله من المساترين والمصارحين ، فإن غاية ذلك موالاتهم وهي لا تغني من الله شيئاً .


[37297]:سقطت الواو من ظ.
[37298]:في ظ: أو.
[37299]:من ظ، وفي الأصل: بينه.
[37300]:في ظ: بينكم.
[37301]:من ظ، وفي الأصل: ما.
[37302]:زيد من ظ.
[37303]:في ظ: قوله.
[37304]:في ظ: فلا يوالوا.