تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

قال تعالى : { انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ } أي : بتزكيتهم أنفسهم ، لأن هذا من أعظم الافتراء على الله . لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم الإخبار بأن الله جعل ما هم عليه حقا وما عليه المؤمنون المسلمون باطلا . وهذا أعظم الكذب وقلب الحقائق بجعل الحق باطلا ، والباطلِ حقًّا . ولهذا قال : { وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا } أي : ظاهرا بينا موجبا للعقوبة البليغة والعذاب الأليم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَىَ بِهِ إِثْماً مّبِيناً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : انظر يا محمد كيف يفتري هؤلاء الذين يزكون أنفسهم من أهل الكتاب القائلون : نحن أبناء الله وأحباؤه ، وإنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، الزاعمون أنه لا ذنوب لهم الكذب والزور من القول ، فيختلفونه على الله . { وكَفَى بِهِ } يقول : وحسبهم بقيلهم ذلك الكذب والزور على الله { إثْما مُبِينا } يعني : إنه يبين كذبهم لسامعيه ، ويوضح لهم أنهم أفكة فجرة . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : { ألَمْ تَرَ إلى الّذِينَ يُزَكّونَ أنْفُسَهُمْ } قال : هم اليهود والنصارى { انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ على اللّهِ الكَذِبَ } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱنظُرۡ كَيۡفَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَكَفَىٰ بِهِۦٓ إِثۡمٗا مُّبِينًا} (50)

وقوله تعالى : { انظر كيف يفترون } الآية ، يبين أن تزكيتهم أنفسهم كانت بالباطل والكذب ، ويقوي أن التزكية كانت بقولهم { نحن أبناء الله وأحباؤه } [ المائدة : 18 ] إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن و { كيف } يصح أن يكون في موضع نصب ب { يفترون } ، ويصح أن تكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في قوله : { يفترون }{[4103]} و { وكفى به إثماً مبيناً } خبر في مضمنه تعجب وتعجيب من الأمر ، ولذلك دخلت الباء لتدل على معنى الأمر بالتعجب ، وأن يكتفى لهم بهذا الكذب إثماً ولا يطلب لهم غيره ، إذ هو موبق ومهلك و { إثماً } نصب على التمييز .


[4103]:- قال أبو حيان في "البحر المحيط": "وأما قوله: يصح أن يكون في موضع رفع بالابتداء، والخبر في قوله: [يفترون]، فهذا لم يذهب إليه أحد، لأن (كيف) ليست من الأسماء التي يجوز الابتداء بها". راجع بقية كلامه 3/ 270.