{ كَيفَ } منصوبٌ ب { يَفْتَرُونَ } وتقدم الخِلافُ فيه ، والجملةُ في محلِّ نَصْبِ ، بعد إسقاطِ الخَافِضِ ؛ لأنَّها مُعلقةٌ{[8244]} ل " انظر " و " انظر " يتعدى ب " في " ؛ لأنها - هنا - لَيستْ بَصريَّةً ، و " على الله " مُتعلِّقٌ ب { يَفْتَرُونَ } ، وأجاز أبُو البَقَاءِ{[8245]} : أنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ ، على أنه حالٌ من الكذبِ ، قُدِّمَ عليه ، قال : " ولا يجوز أن يتعلق بالكذب ؛ لأن معمولَ المصْدَرِ لا يتقدَّمُ عليه ، فإن جعل على التَّبيين جَازَ " ، وجوّز ابن عطيةَ{[8246]} : أن يكون " كيف " مُبْتدأ ، والجملةُ مِنْ قوله { يَفْتَرُونَ } الخَبَرُ ، وهذا فاسِدٌ ، لأن " كَيْفَ " لا تُرْفَعُ بالابتداءِ ، وعلى تقدير ذلك ، فأيْن الرَّابِطُ{[8247]} بينها وبَيْنَ الجملةِ الوَاقِعةِ خبراً عنها ولم تكن نفس{[8248]} المُبْتدأ ، حتى تَسْتغْنِي عَنْ رَابِطٍ ، و { إِثْماً } تمييزٌ ، والضميرُ في " به " عائدٌ على الكذبِ ، وقِيلَ : على الافْتِرَاءِ وجعلهُ الزمخشريُّ{[8249]} عَائِداً على زَعمهمْ ، يعْنِي : من حَيْثُ التقديرُ .
فصل في تعجيب النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود
هذا تَعْجيبٌ للنبيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ فرْيتهم{[8250]} على الله ، وهو تَزْكيتهُم أنْفسَهُمِ وافْتراؤهم{[8251]} ، وهو قولهم : { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] .
الكَذِبُ : هو الإخْبَارُ عَنِ الشيء على خلافِ المُخبرِ عَنْهُ ، سَواءٌ عَلِمَ قَائِلُه كَوْنَهُ كذلك ، أوْ لا يَعْلَمُ ، وقال الجَاحِظُ{[8252]} : شَرْطُ كَوْنِهِ كَذِباً ، أنْ يعلمَ القائِلُ كَوْنَه بِخلافِ ذلكِ ، وهذه الآيةُ دليلٌ عليه ؛ لأنَّهم كانُوا يَعْتَقدٌون في أنْفسهم الزِّكاءَ ، والطَّهَارَةَ : وكذبهم{[8253]} الله فيه .
وقوله : { وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً } يقالُ في المدْحِ ، وفي الذَّمِّ ، أمَّا فِي المدْحِ ، فكقوله
{ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً } [ النساء : 45 ] وأمَّا في الذم ، فكما في هذا الموضع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.