تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

{ 43 - 45 } { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ * وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }

يخبر تعالى عن حالة المشركين ، عندما تتلى عليهم آيات اللّه البينات ، وحججه الظاهرات ، وبراهينه القاطعات ، الدالة على كل خير ، الناهية عن كل شر ، التي هي أعظم نعمة جاءتهم ، ومِنَّةٍ وصلت إليهم ، الموجبة لمقابلتها بالإيمان والتصديق ، والانقياد ، والتسليم ، أنهم يقابلونها بضد ما ينبغي ، ويكذبون من جاءهم بها ويقولون : { مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ } أي : هذا قصده ، حين يأمركم بالإخلاص للّه ، لتتركوا عوائد آبائكم ، الذين تعظمون وتمشون خلفهم ، فردوا الحق ، بقول الضالين ، ولم يوردوا{[740]}  برهانا ، ولا شبهة .

فأي شبهة إذا أمرت الرسل بعض الضالين ، باتباع الحق ، فادَّعوا أن إخوانهم ، الذين على طريقتهم ، لم يزالوا عليه ؟ وهذه السفاهة ، ورد الحق ، بأقوال الضالين ، إذا تأملت كل حق رد ، فإذا هذا مآله لا يرد إلا بأقوال الضالين من المشركين ، والدهريين ، والفلاسفة ، والصابئين ، والملحدين في دين اللّه ، المارقين ، فهم أسوة كل من رد الحق إلى يوم القيامة .

ولما احتجوا بفعل آبائهم ، وجعلوها دافعة لما جاءت به الرسل ، طعنوا بعد هذا بالحق ، { وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى } أي : كذب افتراه هذا الرجل ، الذي جاء به . { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } أي : سحر ظاهر بيِّن لكل أحد ، تكذيبا بالحق ، وترويجا على السفهاء .


[740]:- كذا في ب، وفي أ: ولم يردوا.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيّنَاتٍ قَالُواْ مَا هََذَا إِلاّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدّكُمْ عَمّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هََذَآ إِلاّ إِفْكٌ مّفْتَرًى وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقّ لَمّا جَآءَهُمْ إِنْ هََذَآ إِلاّ سِحْرٌ مّبِينٌ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا تُتلى على هؤلاء المشركين آيات كتابنا بيّنات يقول : واضحات أنهنّ حقّ من عندنا قالُوا ما هَذَا إلاّ رَجُلُ يُرِيدُ أنْ يَصُدّكُمْ عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ يقول : قالوا عند ذلك : لا تتبعوا محمدا ، فما هو إلاّ رجل يريد أن يصدّكم عما كان يعبد آباؤكم من الأوثان ، ويغير دينكم ودين آبائكم وَقالُوا ما هَذَا إلاّ إفْكٌ مُفْتَرًى يقول تعالى ذكره : وقال هؤلاء المشركون : ما هذا الذي تتلو علينا يا محمد ، يعنون القرآن ، إلاّ إفك . يقول : إلاّ كَذِبٌ مُفْترى يقول : مختلَق . متخرّص وَقالَ الّذِينَ كَفَرُوا للْحَقّ لما جَاءهمْ إنْ هَذَا إلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ يقول جلّ ثناؤه : وقال الكفار للحقّ ، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم لما جاءهم ، يعني : لما بعثه الله نبيا : هذا سحر مبين يقول : ما هذا إلاّ سحر مبين ، يبين لمن رآه وتأمله أنه سحر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا } يعنون محمدا عليه الصلاة والسلام . { إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم } فيستتبعكم بما يستبدعه . { وقالوا ما هذا } يعنون القرآن . { إلا إفك } لعدم مطابقة ما فيه الواقع . { مفترى } بإضافته إلى الله سبحانه وتعالى . { وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم } لأمر النبوة أو للإسلام أو للقرآن ، والأول باعتبار معناه وهذا باعتبار لفظه وإعجازه . { إن هذا إلا سحر مبين } ظاهر سحريته ، وفي تكرير الفعل والتصريح بذكر الكفرة وما في اللامين من الإشارة إلى القائلين والمقول فيه ، وما في { لما } من المبادهة إلى البت بهذا القول إنكار عظيم له وتعجيب بليغ منه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

وقوله { وإذا تتلى عليهم آياتنا } ذكر الله تعالى في هذه الآية أقوال الكفرة وأنواع كلامهم عندما يقرأ عليهم القرآن ويسمعون حكمته وبراهينه البينة ، فقائل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يقدح في الأوثان ودين الآباء ، وقائل طعن عليه بأن هذا القرآن مفترى أي مصنوع من قبل محمد صلى الله عليه وسلم ويدعي أنه من عند الله ، وقائل طعن عليه بأن ما عنده من الرقة واستجلاب النفوس واستمالة الأسماع إنما هو سحر به يخلب ويستدعى ، تعالى الله عن أقوالهم وتقدست شريعته عن طعنهم .