البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

والإشارة بقوله : ما { ما هذا إلا رجل } ، إلى تالي الآيات ، المفهوم من قوله : { وإذا تتلى عليه } ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وحكي تعالى مطاعنهم عند تلاوة القرآن عليهم ، فبدأوا أولاً : بالطعن في التالي ، فإنه يقدح في معبودات آلهتكم .

ثانياً فيما جاء به الرسول من القرآن ، بأنه كذب مختلق من عنده ، وليس من عند الله .

وثالثاً : بأن ما جاء به سحر واضح لما اشتمل على ما يوجب الاستمالة وتأثير النفوس له وإجابته .

وطعنوا في الرسول ، وفيما جاء به ، وفي وصفه ، واحتمل أن يكون ذلك صدر من مجموعهم ، واحتمل أن تكون كل جملة منها قالها قوم غير من قال الجملة الأخرى .

وفي قوله : { لما جاءهم } دليل على أنه حين جاءهم لم يفكروا فيه ، بل بادروه بالإنكار ونسبته إلى السحر ، ولم يكتفوا بقولهم ، إنه سحر حتى وصفوه بأنه واضح لمن يتأمله .

وقيل : إنكار القرآن والمعجزة كان متفقاً عليه من المشركين وأهل الكتاب ، فقال تعالى : { وقال الذين كفروا للحق } ، على وجه العموم .