فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

ثم ذكر سبحانه نوعا آخر من أنواع كفرهم فقال :

{ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } القرآنية حال كونها { بَيِّنَاتٍ } واضحات الدلالات ظاهرات المعاني على التوحيد { قَالُوا : مَا هَذَا } يعنون التالي لها وهو النبي صلى الله عليه وسلم { إِلا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ } أي أسلافكم من الأصنام التي كانوا يعبدونها .

{ وَقَالُوا } ثانيا : { مَا هَذَا } يعنون القرآن الكريم { إِلا إِفْكٌ مُّفْتَرًى } أي كذب في حد ذاته غير مطابق للواقع مختلق على الله من حيث نسبته إليه فمفترى تأسيس لا تأكيد .

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } ثالثا : { لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ } أي لأمر الدين الذي جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم { إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ } وفي تكرير الفعل والتصريح بالفاعل إنكار عظيم له وتعجيب بليغ منه ، وهذا الإنكار منهم خاص بالتوحيد ، وأما إنكار القرآن والمعجزة فكان متفقا عليه بين أهل الكتاب والمشركين ، وقيل : أريد بالأول وهو قولهم { إِلا إِفْكٌ مُّفْتَرًى } معناه بالثاني وهو قولهم { إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ } نظمه المعجز . قيل : إن طائفة منهم قالوا : إنه إفك وطائفة قالوا إنه سحر ، وقيل : إنهم جميعا قالوا : تارة إنه إفك وتارة إنه سحر والأول أولى .