تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

{ 106 - 112 } { إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ * قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ * إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ * وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }

يثني الله تعالى على كتابه العزيز " القرآن " ويبين كفايته التامة عن كل شيء ، وأنه لا يستغنى عنه فقال : { إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ } أي : يتبلغون به في الوصول إلى ربهم ، وإلى دار كرامته ، فوصلهم إلى أجل المطالب ، وأفضل الرغائب . وليس للعابدين ، الذين هم أشرف الخلق ، وراءه غاية ، لأنه الكفيل بمعرفة ربهم ، بأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله ، وبالإخبار بالغيوب الصادقة ، وبالدعوة لحقائق الإيمان ، وشواهد الإيقان ، المبين للمأمورات كلها ، والمنهيات جميعا ، المعرف بعيوب النفس والعمل ، والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله ، والتحذير من طرق الشيطان ، وبيان مداخله على الإنسان ، فمن لم يغنه القرآن ، فلا أغناه الله ، ومن لا يكفيه ، فلا كفاه الله .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ فِي هََذَا لَبَلاَغاً لّقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لّلْعَالَمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لبلاغا لمن عبد الله بما فيه من الفرائض التي فرضها الله ، إلى رضوانه وإدراك الطّلِبة عنده .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن الجَريريّ ، عن أبي الوَرْد بن ثُمامة ، عن أبي محمد الحضرميّ ، قال : حدثنا كعب في هذا المسجد ، قال : والذي نفس كعب بيده إنّ في هَذَا لبَلاغا لقَوْمٍ عَابِدِينَ إنهم لأهل أو أصحاب الصلوات الخمس ، سماهم الله عابدين .

حدثنا الحسين بن يزيد الطحان ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن سعيد بن إياس الجريريّ ، عن أبي الوَرْد عن كعب ، في قوله : إنّ فِي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ قال : صوم شهر رمضان ، وصلاة الخمس ، قال : هي ملء اليدين والبحر عبادة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، عن الجريريّ ، قال : قال كعب الأحبار : إنّ فِي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ لأمة محمد .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : إنّ فِي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ يقول : عاملين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : إنّ فِي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ قال : يقولون في هذه السورة لبلاغا .

ويقول آخرون : في القرآن تنزيل لفرائض الصلوات الخمس ، من أداها كان بلاغا لقوم عابدين ، قال : عاملين .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : إنّ فِي هَذَا لَبَلاغا لِقَوْمٍ عابِدِينَ قال : إن في هذا لمنفعة وعلما لقوم عابدين ذاك البلاغ .