فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَٰغٗا لِّقَوۡمٍ عَٰبِدِينَ} (106)

{ إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ( 106 ) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( 107 ) قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ( 108 ) فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ( 109 ) إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ( 110 ) وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ( 111 ) قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ( 112 ) } .

{ إن في هذا لبلاغا } أي فيما جرى ذكره في هذه السورة من الوعظ والتنبيه ووصول إلى البغية ، قاله الرازي ، يقال : في هذا الشيء بلاغ ، وبلغة وتبلغ أي كفاية ، وقيل الإشارة بهذا إلى القرآن ، والقرآن زاد الجنة ، كبلاغ المسافر .

{ لقوم عابدين } أي مشغولين بعبادة الله مهتمين بها ، والعبادة هي الخضوع والتذلل ، وهم أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ورأس العبادة الصلاة قال أبو هريرة : الصلوات الخمس ، وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والديلمي ، عن أنس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في الآية : ( إن في الصلوات الخمس شغلا للعبادة ) .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وقال : ( هي الصلوات الخمس في المسجد الحرام جماعة ) ، وقيل هم العاملون الموحدون ، وقال الرازي : والأولى أنهم الجامعون بين الأمرين ، لأن العلم كالشجرة ، والعمل كالثمرة ، والشجر بدون الثمر غير مفيد ، والثمر بدون الشجرة غير كائن .