وقوله - سبحانه - : { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث العظيم } بيان لسبب آخر من الأسباب التى أدت بهم إلى هذا المصير السىء .
والحنث : الذنب الكبير ، والمعصية الشديدة ، ويندرج تحته الإشراك بالله - تعالى - ، وإنكار البعث والجزاء ، والحلف الكاذب مع تعمد ذلك .
أى : وكانوا فى الدنيا يصرون على ارتكاب الذنوب العظيمة ، ويتعمدون إتيانها بدون تحرج أو تردد ، ومن مظاهر ذلك أنهم أقسموا بالأيمان المغلظة أنه لا بعث ولا حساب ، ولا جزاء ، كما قال - تعالى - : { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ . . . }
و { يصرون } معناه : يعتقدون اعتقاداً لا ينوون عنه إقلاعاً ، قال ابن زيد : لا يثوبون ولا يستغفرون . و { الحنث } : الإثم ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «من مات له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحنث . . . » الحديث{[10913]} ، أراد : لم يبلغوا الحلم فتتعلق بهم الآثام . وقال الخطابي : { الحنث } في كلام العرب العدل الثقيل ، شبه الإثم به .
واختلف المفسرون في المراد بهذا الإثم هنا ، فقال قتادة والضحاك وابن زيد : هو الشرك ، وهذا هو الظاهر . وقال قوم في ما ذكر مكي : هو الحنث في قسمهم الذي يتضمنه قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم }{[10914]} [ الأنعام : 109 ، النحل : 38 ، النور : 53 ، فاطر : 42 ] الآية في التكذيب بالبعث ، وهذا أيضاً يتضمن الكفر ، فالقول به على عمومه أولى . وقال الشعبي : { الحنث العظيم } : اليمين الغموس{[10915]} .
والحِنث : الذنب والمعصية وما يتخرج منه ، ومنه قولهم : حنث في يمينه ، أي أهمل ما حلف عليه فجر لنفسه حرجاً .
ويجوز أن يكون الحنث حنث اليمين فإنهم كانوا يقسمون على أن لا بَعثَ ، قال تعالى : { وأقسَموا بالله جَهدَ أيمانهم لا يبعثُ الله من يموت } [ النحل : 38 ] ، فذلك من الحنث العظيم ، وقال تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليومنن بها } [ الأنعام : 109 ] وقد جاءتهم آية إعجاز القرآن فلم يؤمنوا به .
والعظيم : القوي في نوعه ، أي الذنب الشديد والحنث العظيم هو الإِشراك بالله . وفي حديث ابن مسعود أنه قال : « قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تدعو لله نداً وهو خلقك » وقال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] .
ومعنى { يصرون } : يثبتون عليه لا يقبلون زحزحة عنه ، أي لا يضعون للدعوة إلى النظر في بطلان عقيدة الشرك .
وصيغة المضارع في { يصرون } و { يقولون } تفيد تكرر الإصرار والقول منهم . وذكر فعل { كانوا } لإِفادة أن ذلك ديدنهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.