تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

{ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } أي : بشيرًا بالثواب العاجل والآجل ، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل ، وذكر تفصيلهما ، وذكر الأسباب والأوصاف التي تحصل بها البشارة والنذارة ، وهذه الأوصاف للكتاب ، مما يوجب أن يُتَلقَّى بالقبول ، والإذعان ، والإيمان ، والعمل به ، ولكن أعرض أكثر الخلق عنه إعراض المستكبرين ، { فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ } له سماع قبول وإجابة ، وإن كانوا قد سمعوه سماعًا ، تقوم عليهم به الحجة الشرعية .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

ثم أثنى - سبحانه - على هذا القرآن الذى أنزله بمقتضى رحمته وحكمته فقال : { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . بَشِيراً وَنَذِيراً } .

ومعنى : { فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } : ميزت فى ألفاظها بفواصل ومقاطع ، وميزت فى معانيها لاشتمالها على أنواع متعددة من المعانى الحكيمة .

وقوله { قُرْآناً } منصوب على المدح ، أو على الحال من كتاب ، { عَرَبِيّاً } صفة للقرآن .

وقوله { لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } متعلق بفصلت .

أى : هذا القرآن منزل من عند الله - تعالى - الذى وسعت رحمته كل شئ ، وهو كتاب فصلت آياته ووضحت وميزت من حيث ألفاظها تفصيلا بليغا ، إذ اشتملت على فواصل ومقاطع فيما بينها ليسهل فهمه وحفظه .

وفصلت آياته من حيث معانيها تفصيلا حكيما . إذ بعضها جاء لبيان ذاته وصفاته وأفعاله - تعالى - ، وبعضها اشتمل على ألوانه من نعمه التى لا تحصى ، وبعضها جاء بأسمى أنواع الهدايات والآداب والأحكام والقصص والمواعظ ، وبعضها جاء لتبشير المؤمنين بحسن الثواب ، ولإِنذار الكافرين بسوء العقاب .

وخص - سبحانه - الذين يعلمون بالذكر ، لأنهم هم الذين ينتفعون بما اشتمل عليه هذا الكتاب من تفصيل لآياته شامل لألفاظها ومعانيها .

قال صاحب الكشاف : قوله { لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أى لقوم عرب يعلمون ما نزل عليهم من الآيات المفصلة المبينة بلسانهم العربى ، لا يلتبس عليهم شئ منه .

فإن قلت : بم يتعلق قوله : { لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ؟

قلت : يجوز أن يتعلق بتنزيل ، أو بفصلت ، أى : تنزيل من الله لأجلهم . أو فصلت آياته لهم .

وأجود أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده ، أى : قرآنا عربيا كائنا لقوم عرب ؛ لئلا يفرق بين الصلاة والصفات . .

وقوله - تعالى - : { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } بيان لموقف الناس من هذا القرآن المنزل من الرحمن الرحيم .

والمراد بالأكثر هنا : الكافرون الذين لا ينتفعون بهدايات القرآن الكريم .

أى : هذا القرآن أنزلناه إليك لتخرج الناس به من الظلمات إلى النور ، فأعرض أكثرهم عن هداياته لاستحواذ الشيطان عليهم ، فهم لا يسمعون سماع تدبر واتعاظ ، وإنما يسمعون بقلوب قاسية ، وعقول خالية من إدراك معانيه ، ومن الاستجابة له .

ونفى - سبحانه - سماعهم له ، مع أنهم كانوا يسمعون من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه ، لأنهم لما سمعوه ولم يؤمنوا به . . صار سماعهم بمنزلة عدمه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

{ بشيرا ونذيرا } للعاملين به والمخالفين له ، وقرئا بالرفع على الصفة لل { كتاب } أو الخبر لمحذوف . { فأعرض أكثرهم } عن تدبره وقبوله . { فهم لا يسمعون } سماع تأمل وطاعة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا فَأَعۡرَضَ أَكۡثَرُهُمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (4)

وقوله : { بشيراً ونذيراً } نعت للقرآن ، أي يبشر من آمن بالجنة ، وينذر من كفر بالنار . والضمير في : { أكثرهم } عائد على القوم المذكورين .

وقوله : { فهم لا يسمعون } نفي لسمعهم النافع الذي يعتد به سمعاً .