تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

{ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا } أي : تدور كاسات الرحيق والخمر عليهم ، ويتعاطونها فيما بينهم ، وتطوف عليهم الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس { لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ } أي : ليس في الجنة كلام لغو ، وهو الذي لا فائدة فيه ولا تأثيم ، وهو الذي فيه إثم ومعصية ، وإذا انتفى الأمران ، ثبت الأمر الثالث ، وهو أن كلامهم فيها سلام طيب طاهر ، مسر للنفوس ، مفرح للقلوب ، يتعاشرون أحسن عشرة ، ويتنادمون أطيب المنادمة ، ولا يسمعون من ربهم ، إلا ما يقر أعينهم ، ويدل على رضاه عنهم [ ومحبته لهم ] .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

{ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً } أى : يتجاذبون على سبيل المداعبة ، ويتعاطون على سبيل التكريم ، الأوانى المملوءة بالخمر التى هى لذة للشاربين .

{ لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } أى : لا يصدر منهم فى أعقاب شربهم لتلك الخمر ، ما جرت به العادة فى أعقاب شرب خمر الدنيا ، من أن الشارب لها يصدر منه كلام ساقط لا خير فيه ، ويأتى من ألقوال والأفعال ما يعاقب عليه . ويرتكب الإثم بسببه .

قال صاحب الكشاف : { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا } أى : فى سربها { وَلاَ تَأْثِيمٌ } أى : لا يتكلمون فى أثناء الشرب بسقط الحديث ، ومالا طائل تحته ، كفعل المتنادمين فى الدنيا على الشراب فى سفههم وعربدتهم ، ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله ، أى : ينسب إلى الإثم لو فعله فى دار التكليف من الكذب والشتم والفواحش ، وإنما يتكلمون بالحكم وبالكلام الحسن متلذذين بذلك ، لأن عقولهم ثابتة غير زائلة وهم حكماء علماء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

{ يتنازعون فيها } يتعاطون هو وجلساؤهم بتجاذب . { كأسا } خمرا سماها باسم محلها ولذلك أنت الضمير في قوله : { لا لغو فيها ولا تأثيم } أي لا يتكلمون بلغو الحديث في أثناء شربها ، ولا يفعلوا ما يؤثم به فاعله كما هو عادة الشاربين في الدنيا ، وذلك مثل قوله تعالى : { لا فيها غول } وقرأهما ابن كثير والبصريان بالفتح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَتَنَٰزَعُونَ فِيهَا كَأۡسٗا لَّا لَغۡوٞ فِيهَا وَلَا تَأۡثِيمٞ} (23)

و : { يتنازعون } معناه : يتعاطون ، ومنه قول الأخطل : [ البسيط ]

نازعته طيب الراح الشمول وقد . . . صاح الدجاج وحانت وقعة الساري{[10646]}

والكأس : الإناء وفيه الشراب . ولا يقال في فارغ كأس ، قاله الزجاج .

وقرأ جمهور من السبعة وغيرهم «لا لغوٌ » بالرفع «ولا تأثيمٌ » كذلك . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والحسن : «لا لغوَ ولا تأثيمَ » بالنصب على التبرية وعلى الوجهين . فقوله { فيها } هو في موضع الخبر ، وأغنى خبر الأولين عن ذكر خبر الثاني . واللغو : السقط من القول . والتأثيم : يلحق خمر الدنيا في نفس شربها وفي الأفعال التي تكون من شرابها ، وذلك كله مرتفع في الآخرة .


[10646]:الضمير في (نازعته) يعود على شارب كان يشرب معه، وهو في بيت قبل هذا البيت يقول فيه: وشارب مُربح بالكأس نادمني لا بالحصور ولا فيها بسوار ومعنى مُربح أنه يذبح للضيوف الربح وهو الفُضلان الصغار، واحدها رابح، والحصور: الضيق البخيل، والَسَّوَّار: المعربد الوثاب، وتنازعنا الشراب: تناولناه بعضنا من بعض، فهو يعطيني وأنا أعطيه، والراح: الخمر، والشمول: الخمر أيضا، سميت بذلك لأنها تشمل بريحها الناس، وقيل: الشمول هي الخمر الباردة، والدجاج يراد به هنا الديوك، وإذا قيل: هذه دجاج فهم يريدون الأنثى، والساري: السائر بالليل، ووقعة الساري من قولهم: وقعت الإبل إذا بركت، ويروى:(وقفة) بالفاء.