ولهذا قال : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } على أيدي رسله ، فإنه الحق ، وبينت لهم أدلته الظاهرة { قَالُوا } معارضين ذلك : { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } فلا نترك ما وجدنا عليه آباءنا لقول أحد كائنا من كان .
قال تعالى في الرد عليهم وعلى آبائهم : { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } فاستجاب له آباؤهم ، ومشوا خلفه ، وصاروا من تلاميذ الشيطان ، واستولت عليهم الحيرة .
فهل هذا موجب لاتباعهم لهم ومشيهم على طريقتهم ، أم ذلك يرهبهم من سلوك سبيلهم ، وينادي على ضلالهم ، وضلال من اتبعهم .
وليس دعوة الشيطان لآبائهم ولهم ، محبة لهم ومودة ، وإنما ذلك عداوة لهم ومكر بهم ، وبالحقيقة أتباعه من أعدائه ، الذين تمكن منهم وظفر بهم ، وقرت عينه باستحقاقهم عذاب السعير ، بقبول دعوته .
ثم بين - سبحانه - أن هؤلاء المجادلين بالباطل ، لم يكتفوا بذلك ، بل أضافوا إلى رذائلهم السابقة رذائل أخرى منها العناد والتقليد الأعمى ، فقال { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَآ أَنزَلَ الله .
. . } . أى : وإذا قيل لهؤلاء المجادلين بالباطل اتبعوا ما أنزله الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم من قرآن كريم ، ومن وحى حكيم .
{ قَالُواْ } على سبيل العناد والتقليد الأعمى { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا } من عبادة الأصنام والأوثان ، والسير على طريقتهم التى كانوا يسيرون عليها .
وقوله - سبحانه - : { أَوَلَوْ كَانَ الشيطان يَدْعُوهُمْ إلى عَذَابِ السعير } رد عليهم ، وبيان لبطلان الاعتماد فى العقيدة على مجرد تقليد الآباء .
والهمزة للاستفهام الإِنكارى ، والواو للحال . أى : أيتبعون ما كان عليه آباؤهم ، والحال أن هذا الاتباع هو من وحى الشيطان الذى يقودهم إلى ما يؤدى إلى عذاب السعير .
قال الالوسى : وفى الآية دليل على المنع من التقدلي لمن قدر على النظر . وأما اتباع الغير فى الدين بعد العلم بدليل ما أنه محق ، فاتباع فى الحقيقة لما أنزل الله - تعالى وليس من التقليد المذموم فى شئ ، وقد قال - سبحانه - : { فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ }
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } أي : لهؤلاء المجادلين في توحيد الله : { اتَّبِعُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ } أي : على رسوله من الشرائع المطهرة ، { قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } أي : لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين ، قال الله : { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ } [ البقرة : 170 ] أي : فما ظنكم أيها المحتجون بصنيع آبائهم ، أنهم كانوا على ضلالة وأنتم خلف لهم فيما كانوا فيه ؛ ولهذا قال : { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.