تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ لِلۡإِنسَٰنِ مَا تَمَنَّىٰ} (24)

ولهذا أنكر تعالى على من زعم أنه يحصل له ما تمنى وهو كاذب في ذلك ، فقال : { أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ لِلۡإِنسَٰنِ مَا تَمَنَّىٰ} (24)

ثم بين - سبحانه - أن شهوات النفس ومطالبها وأمنياتها لا تتحقق إلا فى الإطار الذى يريده الله - تعالى - لها ، فقال : { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تمنى فَلِلَّهِ الآخرة والأولى } .

والاستفهام هنا - أيضا - للإنكار ، ولإبطال اتباعهم للظنون ولما تهوان أنفسهم . .

أى : إن هؤلاء قد اتبعوا فى ضلالهم وكفرهم الظنون والأوهام ، وما تشتهيه قلوبهم من حب للرياسة ، ومن تقليد للآباء ، ومن تطلع إلى أن هذه الأصنام ستشفع لهم عند الله - تعالى - . . مع أن وقائع الحياة وشواهدها التى يرونها بأعينهم ، تدل دلالة واضحة ، على أنه ليس كل ما يتمناه الإنسان يدركه ، وليس كل ما يريده يتحقق له . . . لأن كل شىء فى هذه الحياة مرهون بإرادته ومشيئته - سبحانه - وهو - عز وجل - صاحب الدار الآخرة ، وصاحب الدار الأولى وهى دار الدنيا ، ولا يقع فيهما إلا ما يريده .

فالمقصود من الآيتين الكريمتين ، نفى ما كان يتمناه أولئك المشركون من شفاعة أصنامهم لهم يوم القيامة ، كما حكى عنهم - سبحانه - ذلك فى قوله : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى . . } ونفى ما كانت تتطلع إليه نفوس بعضهم ، من نزول القرآن عليه ، أو من اختصاصه بالنبوة . فقد حكى - سبحانه - عنهم قولهم : { . . . لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ } كما أن المقصود بها كذلك ، ترويض النفس البشرية على عدم الجرى وراء ظنونها وأهوائها ، بل عليها أن تتمسك بالحق ، وأن تعتصم بطاعة الله - تعالى - وأن تباشر الأسباب التى شرعها - سبحانه - ، ثم بعد ذلك تترك النتائج له يسيرها كيف يشاء ، فإن له الآخرة والأولى .

وقدم - سبحانه - الجار والمجرور فى قوله : { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تمنى } لإفادة أن هذا التمنى هو محط الإنكار ، وأن الإنسان العاقل هو الذى لا يجرى وراء أمنياته ، وإنما هو الذى يسعى إلى تحقيق ما أمره الله - تعالى - به من تكاليف .

وقدم - سبحانه - الآخرة على الأولى ، لأنها الأهم ، إذ نعيمها هو الخالد الباقى ، أما شهوات الدنيا وملذتها ، فهى مهما كثرت ، زائلة فانية .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ لِلۡإِنسَٰنِ مَا تَمَنَّىٰ} (24)

ثم قال : { أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى } أي : ليس كل من تمنى خيرا حصل له ، { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ } [ النساء : 123 ] ، ما كل من زعم أنه مهتد يكون كما قال ، ولا كل من ود {[27670]} شيئا يحصل له .

قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق ، حدثنا أبو عَوَانة ، عن عمر{[27671]} بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى ، فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته " . تفرد به أحمد {[27672]} .


[27670]:- (3) في م: "رد".
[27671]:- (4) في أ: "عمرو".
[27672]:-(5) المسند (1/357) وقال الهيثمي في المجمع (10/151): "رجاله رجال الصحيح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ لِلۡإِنسَٰنِ مَا تَمَنَّىٰ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنّىَ * فَلِلّهِ الاَخِرَةُ والاُولَىَ * وَكَمْ مّن مّلَكٍ فِي السّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىَ } .

يقول تعالى ذكره : أم اشتهى محمد صلى الله عليه وسلم ما أعطاه الله من هذه الكرامة التي كرّمه بها من النبوة والرسالة ، وأنزل الوحي عليه ، وتمنى ذلك ، فأعطاه إياه ربه ، فلله ما في الدار الاَخرة والأولى ، وهي الدنيا ، يعطي من شاء من خلقه ما شاء ، ويحرم من شاء منهم ما شاء . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أمْ للإنْسانِ ما تَمَنّى قال : وإن كان محمد تمنى هذا ، فذلك له .