تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هَٰذَا نُزُلُهُمۡ يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (56)

{ هَذَا } الطعام والشراب { نُزُلُهُمْ } أي : ضيافتهم { يَوْمَ الدِّينِ } وهي الضيافة التي قدموها لأنفسهم ، وآثروها على ضيافة الله لأوليائه .

قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا نُزُلُهُمۡ يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (56)

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات بقوله : { هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدين } والنزل : ما يعد للضيف من منزل حسن ، ومأكل حسن لإكرامه .

أى : هذا المذكور من أنواع العذاب المهين . . . . نزلهم ومسكنهم ومقرهم أول قدومهم يوم الجزاء . .

فالإشارة بقوله : { هذا } إلى ما ذكر قبل ذلك من عذاب مهين ، من مظاهره أكلهم من الزقوم ، وشربهم من الحميم .

والتعبير عما أعد لهم من عذاب بالنزل ، على سبل التهكم ، كما فى قول الشاعر :

وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا . . . جعلنا القنا والمرهَفات له نزلا

وبذلك نرى الآيات الكريمة ، وقد بينت ما أعد لأصحاب الشمال ، من عذاب مهين ، بأسلوب تقشعر من هوله الأبدان . . .

بعد هذا الحديث الجامع عن أقسام الناس يوم القيامة ، وعن جزاء كل قسم . . . أخذت السورة الكريمة فى إقامة الأدلة على وحدانية الله - تعالى - وعلى كمال قدرته . . .

وجاءت هذه الأدلة لا عن طريق أمور تخييلية ، أو فلسفية ، أو غيبية . . . وإنما عن طريق أمور يحسونها بأنفسهم ، ويشاهدونها بأعينهم . . . عن طريق خلقهم ، وزروعهم التى يزاولونها بأيديهم ، والماء الذى يشربونه ، والنار التى يوقدونها .

لنستمع إلى السورة الكريمة ، وهى تحكى كل ذلك فتقول : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ . . . } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَٰذَا نُزُلُهُمۡ يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (56)

( هذا نزلهم يوم الدين ) . . والنزل للراحة والاستقرار . ولكن أصحاب الشمال هذا نزلهم الذي لا راحة فيه ولا قرار ! هذا نزلهم في اليوم الذي كانوا يشكون فيه ، ويتساءلون عنه ، ولا يصدقون خبر القرآن به . كما كانوا يشركون بالله ولا يخافون وعيده بذلك اليوم المشهود . .

بهذا ينتهي استعراض المصائر والأقدار ، يوم تقع الواقعة . الخافضة الرافعة . وينتهي كذلك الشوط الأول من السورة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا نُزُلُهُمۡ يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (56)

هذا نزلهم يوم الدين يوم الجزاء فما ظنك بما يكون لهم بعد ما استقروا في الجحيم وفيه تهكم كما في قوله فبشرهم بعذاب أليم لأن النزل ما يعد للنازل تكرمة له وقرئ نزلهم بالتخفيف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا نُزُلُهُمۡ يَوۡمَ ٱلدِّينِ} (56)

اعتراض بين جمل الخطاب موجه إلى السامعين غيرهم فليس في ضمير الغيبة التفات .

والإِشارة بقوله : { هذا } إلى ما ذكر من أكل الزقوم وشرب الهيم .

والنُزلُ بضم النون وضم الزاي وسُكونَها ما يُقدم للضيف من طعام . وهو هنا تشبيه تهكّمي كالاستعارة التهكمية في قول عمرو بن كلثوم :

نزلتم منزل الأضياف منا *** فعجَّلنا القِرى أن تشتمونا

قرينانكم فعجلنا قراكــم *** قبيل الصبح مرداة طحونا

وقول أبي الشّعر الضبيّ ، واسمه موسى بن سحيم :

وكنا إذا الجبّار بالجيش ضَافنا *** جعلنا القَنا والمُرهفات له نُزْلا

و { يوم الدين } يوم الجزاء ، أي هذا جزاؤهم على أعمالهم نظير قوله آنفاً { جزاء بما كانوا يعملون } [ الواقعة : 24 ] . وجعل يوم الدين وقتاً لنزلهم مؤذن بأن ذلك الذي عبر عنه بالنزل جزاء على أعمالهم . وهذا تجريد للتشبيه التهكمي وهو قرينة على التهكم كقول عمرو بن كلثوم : « مرداةً طحونا » .