تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (192)

لما ذكر قصص الأنبياء مع أممهم ، وكيف دعوهم ، و [ ما ]{[583]} ردوا عليهم به ؛ وكيف أهلك الله أعداءهم ، وصارت لهم العاقبة ، ذكر هذا الرسول الكريم ، والنبي المصطفى العظيم وما جاء به من الكتاب ، الذي فيه هداية لأولي الألباب فقال : { وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فالذي أنزله ، فاطر الأرض والسماوات ، المربي جميع العالم ، العلوي والسفلي ، وكما أنه رباهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وأبدانهم ، فإنه يربيهم أيضا ، بهدايتهم لمصالح دينهم وأخراهم ، ومن أعظم ما رباهم به ، إنزال هذا الكتاب الكريم ، الذي [ ص 598 ] اشتمل على الخير الكثير ، والبر الغزير ، وفيه من الهداية ، لمصالح الدارين ، والأخلاق الفاضلة ، ما ليس في غيره ، وفي قوله : { وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } من تعظيمه وشدة الاهتمام فيه ، من كونه نزل من الله ، لا من غيره ، مقصودا فيه نفعكم وهدايتكم .


[583]:- زيادة يقتضيها السياق
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (192)

وكما بدأت السورة بالحديث عن القرآن ، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم ، عادت مرة أخرى بعد الحديث عن قصص بعض الأنبياء - إلى متابعة الحديث عن القرآن الكريم ، وعن نزوله ، وعن تأثيره ، وعن مصدره . فقال - تعالى - : { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العالمين . . . . }

.

الضمير فى قوله { وَإِنَّهُ } يعود إلى القرآن الكريم ، وما اشتمل عليه من قصص وهدايات . .

أى : وإن هذا القرآن لتنزيل رب العالمين ، لا تنزيل غيره ، والتعبير عن إنزاله بالتنزيل ، للمبالغة فى إنزاله من عند الله - تعالى - وحده .

ووصف - سبحانه - ذاته بالربوبية للعالمين ، للإيذان بأن إنزاله بهذه الطريقة ، من مظاهر رحمته بعباده ، وإحكام تربيته لهم جميعا .

قال - تعالى - : { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين } وقال - سبحانه - : { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَق الأرض والسماوات العلى }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (192)

192

( وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين ) . .

والروح الأمين جبريل - عليه السلام - نزل بهذا القرآن من عند الله على قلب رسول الله[ صلى الله عليه وسلم ] هو أمين على ما نزل به ، حفيظ عليه ، نزل به على قلبه فتلقاه تلقيا مباشرا ، ووعاه وعيا مباشرا . نزل به على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين . هو لسان قومه الذي يدعوهم به ، ويتلو عليهم القرآن . وهم يعرفون مدى ما يملك البشر أن يقولوا ؛ ويدركون أن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، وإن كان بلغتهم ؛ وأنه بنظمه ، وبمعانيه ، وبمنهجه ، وبتناسقه . يشي بأنه آت من مصدر غير بشري بيقين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (192)

{ وإنه لنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين }

{ على قلبك } تقرير لحقية تلك القصص وتنبيه على إعجاز القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن الإخبار عنها ممن لم يتعلمها لا يكون إلا وحيا من اله عز وجل ، والقلب إن أراد به الروح فذاك وإن أراد به العضو فتخصيصه ، لأن المعاني الروحانية إنما تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ، ثم تتصعد منه إلى الدماغ فينتفش بها لوح المتخيلة ، و{ الروح الأمين } جبريل عليه الصلاة والسلام فإنه أمين الله على وحيه . وقرأ ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي بتشديد الزاي ونصب " الروح الأمين " { لتكون من المنذرين } عما يؤدي إلى عذاب من فعل أو ترك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (192)

الضمير في { إنه } للقرآن ، أي إنه ليس بكهانة ولا سحر وإنما هو من عند الله تعالى .

وذكر الطبري أن الضمير في قوله { وإنه لتنزيل } عائد على الذكر في قوله { ما يأتيهم من ذكر من ربهم } [ الأنبياء : 2 ] .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (192)

عود إلى ما افتتحت به السورة من التنويه بالقرآن وكونه الآية العظمى بما اقتضاه قوله : { تلك آيات الكتاب المبين } [ الشعراء : 2 ] كما تقدم لتختتم السورة بإطناب التنويه بالقرآن كما ابتُدئت بإجمال التنويه به ، والتنبيه على أنه أعظم آية اختارها الله أن تكون معجزةً أفضل المرسلين . فضمير { وإنه } عائد إلى معلوم من المقام بعد ذكر آيات الرسل الأولين . فبواو العطف اتصلت الجملة بالجمل التي قبلها ، وبضمير القرآن اتصل غرضها بغرض صدر السورة .

فجملة : { وإنه لتنزيل رب العالمين } معطوفة على الجمل التي قبلها المحكية فيها أخبار الرسل المماثلة أحوالُ أقوامهم لحال قوم محمد صلى الله عليه وسلم وما أيدهم الله به من الآيات ليعلم أن القرآن هو آية الله لهذه الأمة ، فعطفها على الجمل التي مثلها عطف القصة على القصة لتلك المناسبة . ولكن هذه الجملة متصلة في المعنى بجملة : { تلك آيات الكتاب المبين } [ الشعراء : 2 ] بحيث لولا ما فصل بينها وبين الأخرى من طول الكلام لكانت معطوفة عليها . ووُجه الخطابُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأن في التنويه بالقرآن تسلية له على ما يلاقيه من إعراض الكافرين عن قبوله وطاعتهم فيه .

والتأكيد ب ( إنَّ ) ولاَم الابتداء لرد إنكار المنكرين .

والتنزيل مصدر بمعنى المفعول للمبالغة في الوصف حتى كأنَّ المنزَّلَ نفسُ التنزيل . وجملة : { نزل به الروح الأمين } بيان ل { تنزيل رب العالمين } ، أي كان تنزيله على هذه الكيفية .