تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

ولهذا أحالهم الله تعالى على الاستدلال{[969]}  بالنشأة الأولى على النشأة الأخرى ، فقال : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ } أن القادر على ابتداء خلقكم ، قادر على إعادتكم .


[969]:- في ب: بالاستدلال.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

ثم لفت - سبحانه - أنظارهم إلى ما يعلمونه من حالهم فقال : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } .

أى : والله لقد علمتم النشأة الأولى من خلقكم ، حيث أوجدناكم من نطفة فعلقة فمضغة . . فهلا تذكرتم ذلك وعقلتموه ، وعرفتم أن من قدر على خلقكم ولم تكونوا شيئا مذكورا . . . قادر على إعادتكم إلى الحياة مرة أخرى ؟

فالمقصود بهذه الآيات الكريمة إقامة الأدلة الساطعة ، على إمكانية البعث وعلى أن من قدر على خلق الإنسان مع العدم قادر على إعادته .

قال القرطبى : وفى الخبر : عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى ، وهو يرى النشأة الأولى . وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة ، وهو لا يسعى لدار القرار .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

57

هذه هي النشأة الآخرة . . ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ! ) . . فهي قريب من قريب . وليس فيها من غريب .

بهذه البساطة وبهذه السهولة يعرض القرآن قصة النشأة الأولى والنشأة الآخرة . وبهذه البساطة وهذه السهولة يقف الفطرة أمام المنطق الذي تعرفه ، ولا تملك أن تجادل فيه . لأنه مأخوذ من بديهياتها هي ، ومن مشاهدات البشر في حياتهم القريبة . بلا تعقيد . ولا تجريد . ولا فلسفة تكد الأذهان ، ولا تبلغ إلى الوجدان . .

إنها طريقة الله . مبدع الكون ، وخالق الإنسان ، ومنزل القرآن . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

ثم قال : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ } أي : قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا ، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة - وهي البَداءة - قادر على النشأة الأخرى ، وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى ، وكما قال : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] ، وقال : { أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا } [ مريم : 67 ] ، وقال : { أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ . وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [ يس : 77 - 79 ] ، وقال تعالى : { أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى . أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى . ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى . فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى . أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } ؟ [ القيامة : 36 - 40 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى فإنها أقل صنعا لحصول المواد وتخصيص الأجزاء وسبق المثال وفيه دليل على صحة القياس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ} (62)

أعقب دليل إمكان البعث المستند للتنبيه على صلاحية القدرة الإِلهية لذلك ولسد منافذ الشبهة بدليل من قياس التمثيل ، وهو تشبيه النشأة الثانية بالنشأة الأولى المعلومة عندهم بالضرورة ، فنبهوا ليقيسوا عليها النشأة الثانية في أنها إنشاء من أثر قدرة الله وعلمه ، وفي أنهم لا يحيطون علماً بدقائق حصولها .

فالعلم المنفي في قوله : { فيما لا تعلمون } [ الواقعة : 61 ] ، هو العلم التفصيلي ، والعلم المثبت في قوله : { ولقد علمتم النشأة الأولى } هو العلم الإجمالي ، والإجمالي كاففٍ في الدلالة على التفصيلي إذ لا أثر للتفصيل في الاعتقاد .

وفي المقابلة بين قوله : { في ما لا تعلمون } [ الواقعة : 61 ] بقوله : { ولقد علمتم } محسّن الطباق .

ولما كان علمهم بالنشأة الأولى كافياً لهم في إبطال إحالتهم النشأة الثانية رتب عليه من التوبيخ ما لم يرتب مثله على قوله : { وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون } [ الواقعة : 60 ، 61 ] فقال : { فلولا تذكرون } ، أي هلا تذكرتم بذلك فأمسكتم عن الجحد ، وهذا تجهيل لهم في تركهم قياس الأشباه على أشباهها ، ومثله قوله آنفاً : { نحن خلقناكم فلولا تصدقون } [ الواقعة : 57 ] .

وجيء بالمضارع في قوله : { تذكرون } للتنبيه على أن باب التذكر مفتوح فإن فاتهم التذكر فيما مضى فليتداركوه الآن .

وقرأ الجمهور { النشأة } بسكون الشين تليها همزة مفتوحة مصدر نشأ على وزن المرة وهي مرة للجنس . وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحده بفتح الشين بعدها ألف تليها همزة ، وهو مصدر على وزن الفَعَالة على غير قياس ، وقد تقدم في سورة العنكبوت .