تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۚ وَهُوَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (6)

{ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ } أي : يدخل الليل على النهار ، فيغشيهم الليل بظلامه ، فيسكنون ويهدأون ، ثم يدخل النهار على الليل ، فيزول ما على الأرض من الظلام ، ويضيء الكون ، فيتحرك العباد ، ويقومون إلى مصالحهم ومعايشهم ، ولا يزال الله يكور الليل على النهار ، والنهار على الليل ، ويداول بينهما ، في الزيادة والنقص ، والطول والقصر ، حتى تقوم بذلك الفصول ، وتستقيم الأزمنة ، ويحصل من المصالح ما يحصل بذلك ، فتبارك الله رب العالمين ، وتعالى الكريم الجواد ، الذي أنعم على عباده بالنعم الظاهرة والباطنة ، { وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أي : بما يكون في صدور العالمين ، فيوفق من يعلم أنه أهل لذلك ، ويخذل من يعلم أنه لا يصلح لهدايته{[979]} .


[979]:- كذا في ب، وفي أ ونخذل من يعلمه لا يصلح.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۚ وَهُوَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (6)

{ يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل } أى : يدخل - سبحانه - طائفة من الليل فى النهار ، فيقصر الليل ويزيد النهار ويدخل طائفة من النهار فى الليل ، فيقصر النهار ، ويزيد الليل ، ثم يسيران على هذا النظام البديع ، دون أن يسبق أحدهما الآخر .

{ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } و " ذات " هنا مؤنث ذو بمعنى صاحب .

أى : وهو - سبحانه - عليم علما تاما بمكنونات الصدور ، وما تضمره من خير أو شر وما يتردد فيها من خواطر وأفكار .

والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة من أول السورة إلى هنا ، يراها قد اشتملت على بضع عشرة صفة ، من صفات الله عز وجل - الدالة على وجوب إخلاص العبادة له ، والنقياد لأمره ونهيه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۚ وَهُوَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (6)

وينتهي هذا المطلع بحركة لطيفة من حركات القدرة في مجال الكون ، وفي أطواء الضمير :

( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل . وهو عليم بذات الصدور ) . . .

ودخول الليل في النهار ، ودخول النهار في الليل ، حركة دائبة ، وهي في الوقت ذاته حركة لطيفة سواء كان المعنى طول الليل وأخذه من النهار ، وطول النهار وأخذه من الليل ؛ أو كان المعنى مجرد تداخل الليل في النهار عند الغروب ، وتداخل النهار في الليل عند الشروق . . ومثل هذه الحركة في خفائها ولطفها ، حركة العلم بذات الصدور . وذات الصدور هي الأسرار المصاحبة لها ، التي لا تفارقها ولا تبرحها !

والشعور بيد الله تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ، في لطف ؛ ينشئ في القلب حالة من التأمل

الرفيق ، والحساسية الشفيفة . كالشعور بعلم الله يتلطف في الاطلاع على ذات الصدور ، الساكنة في خبايا الصدور !