تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۚ وَهُوَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (6)

الآية 6 وقوله تعالى : { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } إيلاج الشيء إنما هو إدخاله فيه على إبقاء المدخل فيه . هذا هو المعروف . لكن ما ذكر ههنا ممن إيلاج هذا في هذا وهذا [ في هذا ]{[20574]} أن جعل ما كان في حال الاستواء في حد الليل نهارا ، وجعل ما كان في حال الاستواء في حد النهار ليلا على إتلاف كل واحد منهما بالآخر لا على الإبقاء . وفي ذلك وجهان{[20575]} من الدلالة :

أحدهما{[20576]} : يدل ذلك على أنه فعل واحد عليهم ، له تدبير ، لا فعل عدد ، لا{[20577]} تدبير له ، لأنه لو كان فعل عدد لكان لا يجري على سنن واحد وتدبير واحد مند كان إلى أبد الآبدين ، بل يقع في ذلك تمانع وتغالب ، يمنع كل واحد [ منهما ما ]{[20578]} لغيره ، ويغلبه عليه ، ولا يوافقه في تدبيره على ما يكون في عادة الملوك على ما قال : { لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا } [ الأنبياء : 22 ] وقال : { إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض } [ المؤمنون : 91 ] والله الموفق .

[ والثاني ]{[20579]} : دلالة البعث ، وهو{[20580]} إتيان الليل بعد ذهاب أثر النهار وإتيان النهار بعد ذهاب أثر الليل ، ونحو ذلك على ما تقدم ذكره .

وقوله تعالى : { وهو عليم بذات الصدور } قال أهل التأويل : أي عليم بما في الصدور . وجائز أن يكون تأويله : هو عليم بما في صدور أرباب الصدور ، وهم البشر الذين لهم الصدور والتدبير ، لأن الصدور إنما يقال للذين لهم تدبير وتمييز وهم البشر ، والله أعلم .


[20574]:ساقطة من الأصل و م.
[20575]:في الأصل: دلالة وجوه.
[20576]:في الأصل و م: أحدها.
[20577]:في الأصل و م: ولا.
[20578]:في الأصل و م: ماله مما.
[20579]:في الأصل و م: وفيه.
[20580]:الواو ساقطة من الأصل و م.