تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ} (55)

ولما ذكر كرم الأرض ، وحسن شكرها لما ينزله الله عليها من المطر ، وأنها بإذن ربها ، تخرج النبات المختلف الأنواع ، أخبر أنه خلقنا منها ، وفيها يعيدنا إذا متنا فدفنا فيها ، ومنها يخرجنا تارة أخرى ، فكما أوجدنا منها من العدم ، وقد علمنا ذلك وتحققناه ، فسيعيدنا بالبعث منها بعد موتنا ، ليجازينا بأعمالنا التي عملناها عليها .

وهذان دليلان على الإعادة عقليان واضحان : إخراج النبات من الأرض بعد موتها ، وإخراج المكلفين منها في إيجادهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ} (55)

ثم بين - سبحانه - أن هذه الأرض منها خلق الإنسان ، وإليها يعود ، ومنها يبعث للحساب يوم القيامة ، فقال - تعالى - : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى } .

والضمير فى " منها ، وفيها " يعود إلى الأرض المذكورة قبل ذلك فى قوله - تعالى - : { الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً . . . } والتارة : بمعنى المرة .

أى : من هذه الأرض خلقنا أباكم آدم ، وأنتم تبع له ، وفرع عنه ، كما قال - تعالى - : { إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } وقوله : { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } أى : وفى الأرض نعيدكم عند موتكم ، حيث تكون محل دفنكم واستقرار أجسادكم .

وقوله : { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى } أى : ومن الأرض نخرجكم مرة أخرى أحياء يوم القيامة ، للحساب والجزاء .

قال - تعالى - : { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } وقال - سبحانه - : { وَنُفِخَ فِي الصور فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُواْ ياويلنا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون } قال ابن كثير : وهذه الآية كقوله - تعالى - : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } وفى الحديث الذى فى السنن " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حضر جنازة فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها فى القبر ثم قال : " منها خلقناكم " ثم أخذ أخرى وقال : " وفيها نعيدكم " ثم أخرى وقال : " ومنها نخرجكم تارة أخرى " " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ} (55)

القول في تأويل قوله تعالى : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىَ } .

يقول تعالى ذكره : من الأرض خلقناكم أيها الناس ، فأنشأناكم أجساما ناطقة وَفِيها نُعِيدُكُمْ يقول : وفي الأرض نعيدكم بعد مماتكم ، فنصيركم ترابا ، كما كنتم قبل إنشائنا لكم بشرا سويا وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ يقول : ومن الأرض نخرجكم كما كنتم قبل مماتكم أحياء ، فننشئكم منها ، كما أنشأناكم أوّل مرّة . وقوله : " تارَةً أُخْرَى " يقول : مرّة أخرى ، كما :

حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة " وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرَى " يقول : مرّة أخرى .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " تارَةً أُخْرَى " قال : مرّة أخرى الخلق الاَخر .

قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذن : من الأرض أخرجناكم ولم تكونوا شيئا خلقا سويا ، وسنخرجكم منها بعد مماتكم مرّة أخرى ، كما أخرجناكم منها أوّل مرّة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞مِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ} (55)

وقوله تعالى { منها خلقناكم } يريد من الأرض ، وهذا حيث خلق آدم من تراب . وقوله { وفيها نعيدكم } يريد بالموت والدفن أو الفناء كيف كان وقوله { ومنها نخرجكم } يريد بالبعث ليوم القيامة .