وقوله - سبحانه - : { والسابحات سَبْحاً } قسم ثالث بطائفة ثالثة من طوائف الملائكة ، التى تَسْبَحُ فى هذا الكون ، أى : تنطلق بسرعة لتنفيذ أمر الله - تعالى - ، ولتسبيحه ، وتحميده ، وتكبيره ، وتقديسه .
أى : وحق الملائكة الذين يسرعون التنقل فى هذا الكون إسراعا شديدا ، لتنفيذ ما كلفهم - سبحانه - به ، ولتسبيحه وتنزيهه عن كل نقص . .
وقوله : والسّابِحاتِ سَبْحا يقول تعالى ذكره : واللواتي تسبحُ سَبْحا .
واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات ، فقال بعضهم : هي الموت تسبح في نفس ابن آدم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد والسّابِحاتِ سَبْحا قال : الموت ، هكذا وجدته في كتابي وقد :
حدثنا به ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد والسّابِحاتِ سَبْحا قال : الملائكة ، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي .
فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا ، فإن مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سباحة ، كما يقال للفرس الجواد : إنه لسابح إذا مرّ يُسرع .
وقال آخرون : هي النجوم تَسْبح في فلكها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والسّابِحاتِ سَبْحا قال : هي النجوم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقال آخرون : هي السّفُن . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن واصل بن السائب ، عن عطاء والسّابِحاتِ سَبْحا قال : السفن .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سَبْحا من خلقه ، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض ، فذلك كل سابح ، لما وصفنا قبلُ في «النازعات » .
و «السبح » : العوم في الماء ، وقد يستعمل مجازاً في خرق الهواء والتقلب فيه ، واختلف في { السابحات } في الآية ، فقال قتادة والحسن : هي النجوم لأنها تسبح في فلك ، وقال مجاهد وعلي رضي الله عنه : هي الملائكة لأنها تتصرف في الآفاق بأمر الله تجيء وتذهب ، وقال أبو روق{[11599]} : { السابحات } الشمس والقمر والليل والنهار ، وقال بعض المتأولين : { السابحات } : السماوات ، لأنها كالعائمة في الهواء ، وقال عطاء وجماعة : { السابحات } : الخيل ، ويقال للفرس : سابح ، وقال آخرون : { السابحات } الحيتان ، دواب البحر فما دونها وذلك من عظيم المخلوقات ، فروي أن الله تعالى بث في الدنيا ألف نوع من الحيوان ، منها أربعمائة في البر وستمائة في البحر ، وقال عطاء أيضاً : { السابحات } : السفن ، وقال مجاهد أيضاً : { السابحات } : المنايا تسبح في نفوس الحيوان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.