الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَٱلسَّـٰبِحَٰتِ سَبۡحٗا} (3)

قوله تعالى : " والسابحات سبحا " قال علي رضي الله عنه : هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين . الكلبي : هي الملائكة تقبض أرواح المؤمنين ، كالذي يسبح في الماء ، فأحيانا ينغمس وأحيانا يرتفع ، يسلونها سلا رفيقا بسهولة ، ثم يدعونها حتى تستريح . وقال مجاهد وأبو صالح : هي الملائكة ينزلون من السماء مسرعين لأمر الله ، كما يقال للفرس الجواد سابح : إذا أسرع في جريه . وعن مجاهد أيضا : الملائكة تسبح في نزولها وصعودها . وعنه أيضا : السابحات : الموت يسبح في أنفس بني آدم . وقيل : هي الخيل الغزاة . قال عنترة :

والخيلُ تعلَمُ حين تَسْ *** بَح في حياض الموت سَبْحَا

وقال امرؤ القيس :

مِسَحٍّ إذا ما السابحاتُ على الوَنَى *** أثَرْنَ غُباراً بالكَدِيدِ المُرَكَّلِ{[15767]}

قتادة والحسن : هي النجوم تسبح في أفلاكها ، وكذا الشمس والقمر . قال الله تعالى : " كل في فلك يسبحون " . عطاء : هي السفن تسبح في الماء . ابن عباس : السابحات أرواح المؤمنين تسبح شوقا إلى لقاء الله ورحمته حين تخرج .


[15767]:مسح: بصب الجري. الونى: الفتور. الكديد: الموضع الغليظ. المركل: الذي يركل بالأرجل. ومعنى البيت: إن الخيل السريعة إذا فترت فأثارت الغبار بأرجلها من التعب، جر ى هذا الفرس جريا سهلا كما يسح السحاب المطر.