تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (89)

{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا }

يقول تعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ } أي : نوعنا فيه المواعظ والأمثال ، وثنينا فيه المعاني التي يضطر إليها العباد ، لأجل أن يتذكروا ويتقوا ، فلم يتذكر إلا القليل منهم ، الذين سبقت لهم من الله سابقة السعادة ، وأعانهم الله بتوفيقه ، وأما أكثر الناس فأبوا إلا كفورًا لهذه النعمة التي هي أكبر من جميع النعم ، وجعلوا يتعنتون عليه [ باقتراح ]{[478]}  آيات غير آياته ، يخترعونها من تلقاء أنفسهم الظالمة الجاهلة .


[478]:- زيادة يقتضيها السياق.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (89)

ومع عجز المشركين عن الإِتيان بسورة من مثل القرآن الكريم إلا أنهم استمروا فى طغيانهم يعمهون ، وأبوا التذكر والتدبر ، ولقد صور - سبحانه - أحوالهم أكمل تصوير فقال : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } .

أى : ولقد صرفنا وكررنا ونوعنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل ، أى : من كل معنى بديع ، هو كالمثل فى بلاغته ، وإقناعه للنفوس ، وشرحه للصدور ، واشتماله على الفوائد الجمة . . .

ومفعول : { صرفنا } محذوف ، والتقدير : ولقد صرفنا الهدايات والعبر بوجوه متعددة . .

وقوله - سبحانه - : { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } بيان لموقف الفاسقين عن أمر ربهم من هدايات القرآن الكريم وتوجيهاته ، وأوامره ونواهيه .

أى : فأبى أكثر الناس الاستجابة لهديه ، وامتنعوا عن الإِيمان بأنه من عند الله - تعالى - وجحدوا آياته وإرشاداته ، وعموا وصموا عن الحق الذى جاءهم به من نُزِّل عليه القرآن ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال - سبحانه - : { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ } بالإِظهار فى مقام الإِضمار ، للتأكيد والتوضيح .

والمراد بأكثر الناس : أولئك الذين بلغهم القرآن الكريم ، واستمعوا إلى آياته وتوجيهاته وتشريعاته وآدابه ، ولكنهم استحبوا الكفر على الإِيمان ، وآثروا الضلالة على الهداية .

وعبر - سبحانه - بالأكثر ، إنصافاً للقلة المؤمنة التى فتحت صدورها للقرآن ، فآمنت به ، وعملت بما فيه من أوامر ونواه . .

قال الجمل : فإن قيل : كيف جاز قوله { فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } حيث وقع الاستثناء المفرغ فى الإِثبات . مع أنه لا يصح ، إذ لا يصح أن تقول : ضربت إلا زبدا .

فالجواب : أن لفظة { أبى } تفيد النفى ، فكأنه قيل : فلم يرضوا إلا كفورا .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ساقت ما يدل على وحدانية الله - تعالى - وقدرته ، وعلمه ، وفضله على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى الناس ، وعلى أن هذا القرآن من عند الله ، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً .

ثم حكى - سبحانه - بعض المطالب المتعنتة التى طلبها المشركون من النبى صلى الله عليه وسلم فقال - تعالى - : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً . . . } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (89)

يقول ذكره : ولقد بيّنا للناس في هذا القرآن من كلّ مثل ، احتجاجا بذلك كله عليهم ، وتذكيرا لهم ، وتنبيها على الحقّ ليتبعوه ويعملوا به فَأبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كُفُورا يقول : فأبى أكثر الناس إلاّ جحودا للحقّ ، وإنكارا لحجج الله وأدلته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (89)

{ ولقد صرّفنا } كررنا بوجوه مختلفة زيادة في التقرير والبيان . { للناس في هذا القرآن من كل مثلٍ } من كل معنى كالمثل في غرابته ووقوعه موقعها في الأنفس . { فأبى أكثر الناس إلا كفورا } إلا جحودا ، وإنما جاز ذلك ولم يجز : ضربت إلا زيدا لأنه متأول بالنفي .