قوله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ } الآية .
{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } : مفعوله محذوف ، وقيل : " مِنْ " زائدة في " مِنْ كلِّ مَثلٍ " وهو المفعول ، قاله ابن عطية ، وهو مذهب الكوفيين و الأخفش{[20708]} .
وقرأ الحسن{[20709]} : " صَرَفْنَا " بتخفيف الراء ، وتقدَّم نظيره .
فصل في ذكر الوجوه المحتملة في هذا الكلام
أحدها : أنه وقع التحدِّي بكلِّ القرآن ؛ كما في هذه الآية ، ووقع التحدِّي بسورة واحدة ؛ كما في قوله : { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ } [ الطور : 34 ] فقوله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ } يحتمل أن يكون المراد منه التحدِّي ؛ كما شرحناه ، ثم إنهم مع ظهور عجزهم عن جميع هذه المراتب ، صاروا مصرِّين على كفرهم .
وثانيها : أن يكون المراد من " من كُلِّ مثلٍ " : أنَّا أخبرناهم بأنَّ الذين بقوا مصرِّين على الكفر ؛ مثل قوم نوحٍ ، وعادٍ ، وثمود - ابتلاهم الله بأنواع البلاء - وشرحنا هذه الطريقة مراراً - ثم إنَّ هؤلاء الأقوام - يعني أهل مكَّة - لم ينتفعوا بهذا البيان ، بل أصرُّوا على الكفر .
وثالثها : أن يكون المراد من " مِنْ كلِّ مثلٍ " : مِنْ كلِّ وجهٍ من العبر ، والأحكام والوعد ، والوعيد ، وغيرها .
ورابعها : أن يكون المراد ذكر دلائل التوحيد ، ونفي الشركاء في هذا القرآن مراراً كثيرة ، وذكر شبهات منكري النبوَّة ، والمعاد ؛ وأجاب عنها ، ثمَّ أردفها بذكر الدَّلائل القاطعة على صحَّة النبوة ، والمعاد ، ثم إنَّ هؤلاء الكفَّار لم ينتفعوا بسماعها ، بل بقوا مصرِّين على الشِّرك ، وإنكار النُّبوَّة .
قوله : " إلاَّ كُفوراً " مفعول به ، وهو استثناءٌ مفرَّغ ؛ لأنَّه في قوة : لم يفعلوا إلاَّ الكفور .
والمعنى : { فأبى أَكْثَرُ الناس } يعني : أهل مكَّة ، { إِلاَّ كُفُوراً } أي : جحوداً للحقِّ .
فإن قيل : كيف جاز : { فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُوراً } ولا يجوز أن يقال : ضربتُ إلا زيداً ؟ .
فالجواب : إنَّ لفظة : " أبَى " تفيد النَّفي ؛ كأنه قيل : فلم يؤمنوا إلا كفوراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.