التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (89)

قوله تعالى : { ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا } ( صرفنا ) ، مفعوله محذوف . و ( من ) في قوله : ( من كل مثل ) زائدة ، وهو المفعول به و ( صرفنا ) ، أي أجرينا ورددنا . صرف الحديث بسكون الراء ؛ أي أن يزاد فيه ويحسن . والمعنى : أن الله جل وعلا أجرى القرآن على أساليب مختلفة تقتضي زيادة في البرهنة والتدليل لأهل مكة ( في هذا القرآن من كل مثل ) أي ردد للناس في كتابه الحكيم من مختلف المعاني والمشاهد والعبر ، ما يبيّن لهم وللبشرية كافة أن هذا الكلام معجز ، وأنه منزل من لدن حكيم حميد{[2743]} .

ومن الظواهر المتجلية في القرآن أنه تتزاحم فيه المعاني المختلفة بتعدد مجالاتها وضروبها وأساليبها ليتذكر السامعون وتستيقن قلوبهم ، وليعلموا أن ما جاءهم به رسول الله ( ص ) لهو الحق والصدق .

قوله : ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) ( كفورا ) ، مفعول به للفعل أبى ، وهو استثناء مفرغ ؛ أي لم يفعلوا إلا الكفور ، بضم الكاف . والمراد بأكثر الناس ، الكافرون في زمن النبوة من المشركين وأهل الكتاب ؛ فقد أبوا إلا أن يجحدوا الحق وهو القرآن إذ كذبوا به واستيقنته أنفسهم من الداخل .


[2743]:- الدر المصون جـ7 ص 408.