ثم قال تعالى :{ ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل }
وهذا الكلام يحتمل وجوها . أحدها : أنه وقع التحدي بكل القرآن كما في هذه الآية ، ووقع التحدي أيضا بعشر سور منه كما في قوله تعالى : { فأتوا بعشر سور مثله مفتريات } ووقع التحدي بالسورة الواحدة كما في قوله تعالى : { فأتوا بسورة من مثله } ووقع التحدي بكلام من سورة واحدة كما في قوله : { فليأتوا بحديث مثله } فقوله : { ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } يحتمل أن يكون المراد منه التحدي كما شرحناه ، ثم أنهم مع ظهور عجزهم في جميع هذه المراتب بقوا مصرين على كفرهم . وثانيها : أن يكون المراد من قوله : { ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } أنا أخبرناهم بأن الذين بقوا مصرين على الكفر مثل قوم نوح وعاد وثمود كيف ابتلاهم بأنواع البلاء وشرحنا هذه الطريقة مرارا وأطوارا ثم إن هؤلاء الأقوام يعني أهل مكة لم ينتفعوا بهذا البيان بل بقوا مصرين على الكفر . وثالثها : أن يكون المراد أنه تعالى ذكر دلائل التوحيد ونفى الشركاء والأضداد في هذا القرآن مرارا كثيرة ، وذكر شبهات منكري النبوة والمعاد مرارا وأطوارا ، وأجاب عنها ثم أردفها بذكر الدلائل القاطعة على صحة النبوة والمعاد ، ثم إن هؤلاء الكفار لم ينتفعوا بسماعها بل بقوا مصرين على الشرك وإنكار النبوة .
ثم قال تعالى { فأبى أكثر الناس إلا كفورا } يريد ( أبى ) أكثر أهل مكة { إلا كفورا } أي جحودا للحق ، وذلك أنهم أنكروا ما لا حاجة إلى إظهاره ، فإن قيل كيف جاز : { فأبى أكثر الناس إلا كفورا } ولا يجوز أن يقال ضربت إلا زيدا ، قلنا لفظ أبى يفيد النفي كأنه قيل فلم يرضوا إلا كفورا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.