تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

38

المفردات :

حمر مستنفرة : حمر وحشية ، شديدة النّفار .

من قسورة : من أسد ، أو من الرماة القنّص .

التفسير :

50 ، 51- كأنهم حمر مستنفرة* فرّت من قسورة .

إن القرآن الكريم سبب للهداية واطمئنان النفس ، والإيمان وسعادة الدارين ، لكن هؤلاء الكفار نفروا من تذكير القرآن لهم نفورا شديدا ، أشبه بنفور الوحشية إذا شاهدت أسدا يحاول اقتناصها ، أو مجموعة مدرّبة على الاقتناص والصيد من الصيادين المهرة ، وهو تشبيه يزرى بهم ، ويجعلهم يخرجون من دائرة الآدميين الذين يتفاهمون أو يتفهّمون القرآن والتذكرة إلى دائرة الحمر التي تركض ركضا شديدا عندما تجد ما يدعوها إلى النّفار والفرار .

وقريب من ذلك قوله تعالى : مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين . ( الجمعة : 5 ) .

والقسورة : إما جماعة الرماة الذين يتصيدون الحمر الوحشية : أو الأسد ، وسمى قسورة لأنه يقهر السباع ويقسرها ويستولي عليها قسرا .

قال ابن عباس :

الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت ، كذلك هؤلاء المشركون إذا رأوا محمدا صلى الله عليه وسلم هربوا منه ، كما يهرب الحمار الوحشي من الأسد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

{ كأنهم حمر } جمع حمار ، { مستنفرة } قرأ أهل المدينة والشام بفتح الفاء ، وقرأ الباقون بكسرها ، فمن قرأ بالفتح فمعناها منفرة مذعورة ، ومن قرأ بالكسر فمعناها نافرة ، يقال : نفر واستنفر بمعنى واحد ، كما يقال عجب واستعجب .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

شبههم بالحمر الوحشية المذعورة فقال: {كأنهم حمر مستنفرة} بتركهم القرآن إذا سمعوا منه مثل الحمر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فما لهؤلاء المشركين بالله عن التذكرِة معرِضين، مولّين عنها تولية الحُمُر المستنفرة" فَرّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ".

واختلف القرّاء في قراءة قوله: "مُسْتَنْفِرَةٌ"، فقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسر الفاء، وفي قراءة بعض المكيين أيضا بمعنى نافرة.

والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان معروفتان، صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

كأنهم حمر مستنفرة} {فرت من قسورة} بنصب الفاء وخفضه. ومن قرأ بخفض الفاء صرف الفعل إليها، كأنه يقول: حمر نافرة، ونفر واستنفر واحد كما يقال: استرقد القوم أي رقدوا. ومن قرأ بنصب الفاء فتأويله أنه فُعِل بها ما يحملها على النفار، وذلك يكون بالرامي وبالقانص، من الأسد كما ذكره أهل التفسير في تأويل القسورة، هي الأسد والرماة أو الصيادون.

ويقال: هي النفرة، وكان هذا تشبيها بالحمر الوحشية التي في طبعها النفار، ووجه التقريب، هو أن هؤلاء أعرضوا عما في الإقبال عليه نجاتهم وتخلصهم من العطب، ونفروا كنفار الحمر المستنفرة من العطب والهلاك.

وفي هذه الآية تبيين شدة سفههم وغاية جهلهم، لأن الحمر تنفر من القانص والرامي والأسد لتسلم من الهلاك والعطب، وهؤلاء الكفرة نفروا عما فيه نجاتهم إلى ما فيه هلاكهم وعطبهم، فهم أشر من الحمير وأضل.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

قرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء، يعني مذعورة، وقرأ الباقون بكسرها، يعني هاربة.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

«والمستنفرة» الشديدة النفار كأنها تطلب النفار من نفوسها في جمعها له وحملها عليه. وقرئ بالفتح: وهي المنفرة المحمولة على النفار.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} أي: كأنهم في نفارهم عن الحق، وإعراضهم عنه حُمُر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد،

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 49]

وأمام هذا الموقف المهين الميؤوس منه في الآخرة، يردهم إلى موقفهم في الفرصة المتاحة لهم في الأرض قبل مواجهة ذلك الموقف؛ وهم يصدون عنها ويعرضون، بل يفرون من الهدى والخير ووسائل النجاة المعروضة عليهم فيها، ويرسم لهم صورة مضحكة تثير السخرية والعجب من أمرهم الغريب:

(فما لهم عن التذكرة معرضين؟ كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة؟)..

ومشهد حمر الوحش وهي مستنفره تفر في كل اتجاه، حين تسمع زئير الأسد وتخشاه.. مشهد يعرفه العرب. وهو مشهد عنيف الحركة. مضحك أشد الضحك حين يشبه به الآدميون! حين يخافون! فكيف إذا كانوا إنما ينفرون هذا النفار الذي يتحولون به من آدميين إلى حمر، لا لأنهم خائفون مهددون بل لأن مذكرا يذكرهم بربهم وبمصيرهم، ويمهد لهم الفرصة ليتقوا ذلك الموقف الزري المهين، وذلك المصير العصيب الأليم؟!

إنها الريشة المبدعة ترسم هذا المشهد وتسجله في صلب الكون، تتملاه النفوس، فتخجل وتستنكف أن تكون فيه، ويروح النافرون المعرضون أنفسهم يتوارون من الخجل، ويطامنون من الإعراض والنفار، مخافة هذا التصوير الحي العنيف!

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

{كأنهم حمر مستنفرة } نافرة مذعورة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

" كأنهم " أي كأن هؤلاء الكفار في فرارهم من محمد صلى الله عليه وسلم " حمر مستنفرة " قال ابن عباس : أراد الحمر الوحشية . وقرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء ، أي منفرة مذعورة ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . الباقون بالكسر ، أي نافرة . يقال . نفرت واستنفرت بمعنى ، مثل عجبت واستعجبت ، وسخرت واستسخرت ، وأنشد الفراء :

أَمْسِكْ حمارك إنه مُسْتَنْفِرٌ *** في إثرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ{[15595]}


[15595]:غرب (كسكر): اسم موضع وجبل دون الشام في بلاد بني كلاب.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَأَنَّهُمۡ حُمُرٞ مُّسۡتَنفِرَةٞ} (50)

وزاد ذلك عجباً شدة نفارهم حتى { كأنهم } في إعراضهم عن التذكرة من شدة النفرة والإسراع في الفرة{[70007]} { حمر } أي من حمر الوحش وهي أشد الأشياء نفاراً ، ولذلك كان أكثر تشبيهات{[70008]} العرب في وصف الإبل بسرعة السير بالحمر في عدوها إذا وردت ماء فأحست عليه ما يريبها ، وفي تشبيه الكفرة بالحمر ولا سيما في هذه الحالة مذمة ظاهرة وتهجين لحالهم بين ، وشهادة عليهم بالبله وقلة العقل وعدم التثبت{[70009]} { مستنفرة * } أي موجدة للنفار بغاية الرغبة فيه حتى كأنها تطلبه من أنفسها لأنه من شأنها وطبعها - هذا على قراءة الجماعة ، وقرأ أهل المدينة والشام بالفتح بمعنى أنه نفرها منفر .


[70007]:من ظ و م، وفي الأصل: العرة-كذا.
[70008]:من ظ و م، وفي الأصل: تشبيها من تشبيها.
[70009]:في ظ و م: التتبيت.