عالم الغيب : ما غاب عن الأنظار ، ويشمل السرّ .
والشهادة : ما يشاهد بالحسّ ، ويشمل العلانية ، فلا يخفى عليه شيء .
الحكيم : المتقن في صُنعه وتدبيره .
18- { عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
هو سبحانه وتعالى عالم بما غاب وبما حضر ، مطلع على ما غاب وأخفته القلوب في أثنائها ، كعلمه بما هو حاضر وظاهر للعيان .
وهو ، الْعَزِيزُ . الغالب الذي لا يُغلب ولا يُقهر ، وهو القاهر فوق عباده . الْحَكِيمُ . الذي يجري كل أمر على مقتضى حكمته وتدبيره وإرادته سبحانه وتعالى .
خلاصة ما اشتملت عليه سورة التغابن
2- إنذار المشركين بذكر ما حلّ بمن قبلهم من الأمم ، مع بيان السبب فيما نالهم من ذلك .
3- إنكار المشركين للبعث ، وردّ عليهم .
4- بيان أن ما يحدث في الكون هو بأمر الله وتقديره .
5- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا يضيره إصرارهم على الكفر .
6- إن من الأزواج والأولاد أعداء للمرء .
7- الأموال والأولاد فتنة وابتلاء .
8- الحثّ على التقوى والإنفاق في سبيل الله .
* تم بحمد الله تعالى تفسير سورة ( التغابن ) مساء الثلاثاء 5 من ذي القعدة 1421 ه ، الموافق 30 من يناير 2001 م ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ii انظر تفسير النيسابوري 28/80 ، ، والمعنى أن السعداء أخذوا أماكن الأشقياء في الجنة ، والأشقياء أخذوا أماكن السعداء في النار .
iii لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار :
رواه البخاري في الرقاق ( 6569 ) من حديث أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ، ولا يدخل النار أحد إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة " .
iv كلمات القرآن تفسير وبيان ، للأستاذ حسنين محمد مخلوف ، مطابع دار المعارف 1976 م .
v انظر ذلك في تفسير الطبري أيضا ، حيث نقل أن صدر سورة التغابن مكي وآخرها مدني .
vi رواه الترمذي بإسناد آخر ، وقال : حسن صحيح .
vii انظر تفسير الطبري 28/81 ، والنيسابوري بهامش تفسير الطبري 28/81 .
رواه البخاري في الجنائز ( 1358-1359-1385 ) وفي التفسير ( 4775 ) وفي القدر ( 6599 ) ومسلم في القدر ( 2658 ) ومالك في الموطأ كتاب الجنائز ( 569 ) وأبو داود في السنة ( 4714 ) والترمذي في القدر ( 2138 ) وأحمد في مسنده ( 7141 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة فأبوا يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء " .
x مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ( هامش ) دار الصابوني 25 شارع عباس يوسف ، مدينة نصر القاهرة ت : 61824 .
xi لا يدخل أحد الجنة إلا أري مقعده من النار :
تقدم تخريجه انظر هامش ( 109 ) .
xii تفسير القرطبي ، مطبعة دار الغد العربي ، ص 6806 الطبعة الثانية سنة 1996م .
أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455-23406 -18460-23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .
xiv مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، وفي هامشه : أخرجه ابن أبي حاتم ، ورواه الترمذي وقال : حسن صحيح .
xv إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، هل رضيتم :
رواه البخاري في الرقاق باب : صفة الجنة والنار ( 6183 ) وفي التوحيد باب : كلام الرب مع أهل الجنة ( 7080 ) ومسلم في الجنة ، وصفة نعيمها وأهلها ، باب : إحلال الرضوان على أهل الجنة ، فلا يسخط عليهم أبدا ( 2829 ) والترمذي في صفة الجنة ( 2680 ) من حديث أبي سعيد الخدري ، ولفظه : " إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة : فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
xvi ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم :
رواه البخاري في كتاب لاعتصام ( 7228 ) ، ومسلم في كتاب الفضائل ( 1337 ) والترمذي في العلم ( 2679 ) والنسائي في المناسك ( 2619 ) وابن ماجة في المقدمة( 2 ) وأحمد ( 7320 ) من حديث أبي هريرة .
قوله تعالى : " عالم الغيب والشهادة " أي ما غاب وحضر . وهو " العزيز " أي الغالب القاهر . فهو من صفات الأفعال ، ومنه قوله عز وجل : " تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم{[15060]} " [ الجاثية : 2 ] . أي من الله القاهر المحكم خالق الأشياء . وقال الخطابي : وقد يكون بمعنى نفاسة القدر ، يقال منه : عز يعز ( بكسر العين ) فيتناول معنى العزيز على هذا أنه لا يعادل شيء وأنه لا مثل له . والله أعلم . " الحكيم " في تدبير خلقه . وقال ابن الأنباري : " الحكيم " هو المحكم لخلق الأشياء ، صرف عن مفعل إلى فعيل ، ومنه قوله عز وجل : " الر تلك آيات الكتاب الحكيم{[15061]} " [ يونس : 1 ] معناه المحكم ، فصرف عن مفعل إلى فعيل . والله أعلم .
ولما كان الحليم قد يتهم في حلمه بأن ينسب إلى الجهل بالذنب أو بمقداره قال : { عالم الغيب } وهو ما غاب عن الخلق كلهم{[65905]} فيشمل ما هو داخل القلب مما تؤثره الجبلة ولا علم لصاحب القلب به فضلاً عن غيره . ولما كان قد يظن أنه لا يلزم من علم ما غاب علم ما شهد ، أو يظن أن العلم إنما يتعلق بالكليات ، قال موضحاً أن{[65906]} علمه بالعالمين{[65907]} بكل من الكليات والجزئيات قبل الكون وبعده على حد سواء : { والشهادة } وهو كل ما ظهر فكان بحيث يعلمه الخلق ، وهذا الوصف داع إلى الإحسان من حيث إنه يوجب للمؤمن ترك ظاهر الاسم وباطنه وكل قصور وفتور وغفلة وتهاون فيعبد الله كأنه يراه .
ولما شمل ذلك كل ما غاب عن الخلق وما لم يغب عنهم{[65908]} فلم يبق إلا أن يتوهم أن تأخير العقوبة للعجز قال : { العزيز } أي الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء . ولما كان ذلك قد يكون لأمر آخر لا يمدح عليه قال : { الحكيم * } أي أنه ما أخره إلا لحكمة بالغة يعجز عن إدراكها الخلائق ، وقد أقام الخلائق في طاعته بالجري تحت إرادته ، وتارة يوافق ذلك أمره فيسمى طاعة . وتارة يخالف فيسمى معصية ، فمن أراد أتم نعمته عليه بالتوفيق للطاعة بموافقته{[65909]} أمره بإحاطة{[65910]} علمه والإتقان في التدبير ببالغ حكمته وإدامة ذلك وحفظه عن كل آفة{[65911]} بباهر عزته ، ومن أراد منعه{[65912]} ذلك{[65913]} بذلك أيضاً والكل {[65914]}تسبيح له{[65915]} سبحانه بإفادة أنه الواحد القهار ،
وقد أحاط أول الجمعة بهذه{[1]} السورة أولها{[2]} وآخرها ، فجاءت هذه شارحة له{[3]} وكاشفة عنه{[4]} على وجه أفخم لأن مقصود هذه نتيجة مقصد تلك ، وقد رجع - بالتنزه عن شوائب النقص والاختصاص بجميع صفات الكمال وشمول القدرة للخق وإحاطة العلم بأحوال الكافر والمؤمن - على افتتاحها حسن ختامها ، وعلم علماً ظاهراً جلالة انتظامها{[5]} ، و{[6]}بداعة اتساق{[7]} جميع آيها وبراعة التئامها - والله الموفق للصواب{[8]} .