تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (14)

10

14- { فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون } .

فأخلصوا لله وحده العبادة ، فهو الخالق الرازق ، المعطي المانع ، السميع البصير ، الذي بيده الخلق والأمر والأصنام لا تملك لكم نفعا ولا ضرا ، فاعبدوه وحده لا شريك له ، ولو كره الكافرون هذا الإخلاص .

أخرج الإمام أحمد ، ومسلم ، والترمذي ، والنّسائي أن عبد الله بن الزبير كان يقول في دبر كل صلاة حين يُسلّم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . {[616]} .

قال الإمام أحمد : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلُّ بهنَّ دبر كل صلاة {[617]} .

قال ابن كثير في تفسيره :

وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عقب الصلوات المكتوبات : " إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " . {[618]}


[616]:في دبر كل صلاة حين يسلم: رواه مسلم في المساجد (594) من حديث أبي الزبير قال: كان ابن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله , لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة.
[617]:أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا.
[618]:مختصر تفسير ابن كثير، تحقيق محمد علي الصابوني، المجلد الثاني ص 238.
 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (14)

{ فادعوا الله مخلصين له الدين } خطاب للمنيبين . أي إذا كان الأمر كما ذكر من اختصاص التذكير بمن ينيب ؛ فاعبدوه أيها المؤمنون مخلصين له دينكم . { ولو كره الكافرون } وإن غاظهم ذلك منكم . { رفيع الدرجات } أي هو تعالى المرتفع بعظمته في صفات جلاله وكماله ووحدانيته عن كل ما سواه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (14)

ولما كان كل من الناس يدعي أنه لا يعدل عن الدليل ، وكان كل أحد مأموراً بالنظر في الدليل مأموراً بالإنابة لما دل عليه من التوجه إلى الله وحده ، كان ذلك سبباً في معرفة الكل التوحيد الموجب لاعتقاده القدرة التامة الموجب لاعتقاد البعث ، فكان سبباً لإخلاصهم ، فقال تعالى مسبباً عنه : { فادعوا } وصرح بالاسم الأعظم تدريباً للمخلصين على كيفية الإخلاص فقال : { الله } أي المتوحد بصفات الكمال دعاء خضوع وتعبد بعد الإنابة بعد النظر في الدليل { مخلصين له الدين } أي الأفعال التي يقع الجزاء عليها ، فمن كان يصدق بالجزاء وبأن ربه غني لا يقبل إلا خالصاً اجتهد في تصفية أعماله ، فيأتي بها في غاية الخلوص عن كل ما يمكن أن يكدر من غير شائبة شرك جلي أو خفي كما أن معبوده واحد من غير شائبة نقص .

ولما كانت مخالفة الجنس شديدة لما تدعو إليه من المخاصمة الموجبة للمشاققة الموجبة لاستطابة الموت قال تعالى : { ولو كره } أي الدعاء منكم { الكافرون * } أي الساترون لأنوار عقولهم ، والإخلاص أن يفعل العباد لربهم مثل ما فعل لهم فلا يفعلوا فعلاً من أمر أو نهي إلا لوجهه خاصة من غير غرض لأنفسهم بجلب شيء من نفع أو ضر ، وذلك لأنه سبحانه فعل لهم كل إحسان من الخلق والرزق لأنفسهم خاصة لا لغرض يعود عليه - سبحانه وما أعز شأنه - بنفع ولا ضر ، فلا يكون شكرهم له إلا بما تقدم ، لكنه لما علم سبحانه أن هذا غير مقدور لهم إلا بغاية الجهد بل لا يقدرعليه إلا الأفراد ، خفف عنهم سبحانه بأن أباح لهم العمل لأجل الرجاء في ثوابه والخوف من عقابه ، ولم يجعل ذلك قادحاً في الإخلاص ، قال الاستاذ أبو القاسم القشيري : ولولا إذنه في ذلك لما كان في العالم مخلص .