تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

المفردات :

حتى إذا رأوا ما يوعدون : ما يوعدون به من العذاب في الدنيا كوقعة بدر ، أو في الآخرة بعذاب النار .

فسيعلمون : عند حلول العذاب بهم يوم بدر ، أو يوم القيامة .

من أضعف ناصرا وأقل عددا : من أضعف أعوانا ، وأقل عددا ، هو أم هم .

التفسير :

24- حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا .

حتى إذا رأى المشركون المعاندون ما يوعدون من الهزيمة في بدر ، أو عذاب جهنم يوم القيامة ، فسيعلمون من هو الضعيف المخذول ، المهزوم أمام خصمه ، هم أم المؤمنون في الدنيا ، ومن هو الضعيف المهزوم أمام الآخر ، هم أم الله عز وجل وملائكته وجنده يوم القيامة ، وقد نصر المؤمنون يوم بدر وهزم المشركون ، وفي القيامة سيدخل المؤمنون الجنة ، ويدخل الكافرون النار .

قال صاحب الظلال :

وإذا كان المشركون يركنون إلى قوة وإلى عدد ، ويقيسون قوتهم إلى قوة محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون القلائل معه ، فسيعلمون حين يرون ما يوعدون –إما في الدنيا وإما في الآخرة- من أضعف ناصرا وأقل عددا . وأي الفريقين هو الضعيف المخذول ، القليل الهزيل . اه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

{ فسيعلمون } إذا حل بهم العذاب في الآخرة{ من أضعف ناصرا وأقل عددا } أجند الله الذين آمنوا به ، أم هؤلاء المشركون به ! { أم يجعل له ربي أمدا } غاية بعيدة . والمراد : أنكم ستعذبون حتما ، ولكن لا أدري ! أهو حال إلى مؤجل إلى أمد بعيد !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

وعندما يرون جهنم والعذابَ الذي أُعدَّ لهم سيعلمون من هم المستضعَفون ؟ المؤمنون الموحدون لله تعالى أم المشركون الذين لا ناصرَ لهم ولا معين !

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم انقطع الكلام، فقال: {حتى إذا رأوا ما يوعدون} من عذاب الآخرة، وما يوعدون من العذاب في الدنيا يعني القتل ببدر {فسيعلمون} يعني كفار مكة عند نزول العذاب ببدر، نظيرها في سورة مريم.

{من أضعف ناصرا} كفار مكة أو المؤمنون {و} من {وأقل عددا} يعني جندا...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"حتى إذَا رأَوْا ما يُوعَدُونَ": إذا عاينوا ما يعدهم ربهم من العذاب وقيام الساعة "فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أضْعَفُ ناصِرا وأقَلّ عَدَدا": أجند الله الذي أشركوا به، أم هؤلاء المشركون به.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ويحتمل أن يكون هذا في الدنيا والآخرة جميعا، ويكون ذلك راجعا إلى يوم بدر كما ذكر أهل التأويل، إذ قد ظهر في ذلك اليوم أنهم {فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا} أو أضعف ناصرا.

ويشبه أن يكون هذا في الآخرة، فإنهم يعلمون أنهم أقل عددا في الآخرة لأن كل واحد منهم يتبرأ من صاحبه وناصره ومعينه في الدنيا، ويصير عدوا له، فيقل عددهم، وأما في يوم بدر فقد كانوا عددا من المسلمين، فلم يبين لهم أنهم أقل في العدد.

ويجوز أن يكون يوم بدر يكون المسلمون أكثر عددا لأن الله تعالى أمدّ المسلمين بملائكته، فصار عددهم أكثر في التحقيق، وإن كانت الكفرة في رأي العين أكثر منهم عددا.

ثم يشبه أن تكون هذه الآية نزلت على إثر تخويف الكفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة عددهم وقوتهم في أنفسهم وقلة عدد المسلمين، فوعد الله تعالى نبيه عليه السلام بالنصر وكثرة العدد عند وقوع الحاجة إليها، وبالله التوفيق.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وإنما قال (من أضعف ناصرا) ولا ناصر لهم في الآخرة، لأنه جاء على جواب من توهم أنه إن كانت لهم أخوة فناصرهم أقوى وعددهم أكثر.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعملون من أضعف ناصرا وأقل عددا} فإن قيل: ما الشيء الذي جعل ما بعد حتى غاية له؟ قلنا: فيه وجهان:

(الأول): أنه متعلق بقوله: {يكونون عليه لبدا} والتقدير أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ويستضعفون أنصاره ويستقلون عدده (حتى إذا رأوا ما يوعدون) من يوم بدر وإظهار الله له عليهم أو من يوم القيامة، فسيعلمون أيهم أضعف ناصرا وأقل عددا،

(الثاني): أنه متعلق بمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده كأنه قيل: هؤلاء لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا كان كذا كان كذا.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 22]

قل: إني لن يجيرني من الله أحدا ولن أجد من دونه ملتحدا. إلا بلاغا من الله ورسالاته...

. وهذه هي القولة الرهيبة، التي تملأ القلب بجدية هذا الأمر.. أمر الرسالة والدعوة.. والرسول [صلى الله عليه وسلم] يؤمر بإعلان هذه الحقيقة الكبيرة.. إني لن يجيرني من الله أحد، ولن أجد من دونه ملجأ أو حماية، إلا أن أبلغ هذا الأمر، وأؤدي هذه الأمانة، فهذا هو الملجأ الوحيد، وهذه هي الإجارة المأمونة. إن الأمر ليس أمري، وليس لي فيه شيء إلا التبليغ، ولا مفر لي من هذا التبليغ. فأنا مطلوب به من الله ولن يجيرني منه أحد، ولن أجد من دونه ملجأ يعصمني، إلا أن أبلغ وأؤدي! يا للرهبة! ويا للروعة! ويا للجد! إنها ليست تطوعا يتقدم به صاحب دعوة. إنما هو التكليف. التكليف الصارم الجازم، الذي لا مفر من أدائه. فالله من ورائه! وإنها ليست اللذة الذاتية في حمل الهدى والخير للناس. إنما هو الأمر العلوي الذي لا يمكن التلفت عنه ولا التردد فيه! وهكذا يتبين أمر الدعوة ويتحدد.. إنها تكليف وواجب. وراءه الهول، ووراءه الجد، ووراءه الكبير المتعال!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

كانوا إذا سمعوا آيات الوعد بنصر الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين في الدنيا والآخرة، وآيات الوعيد للمشركين بالانهزام وعذاب الآخرة وعذاب الدنيا استسخروا من ذلك وقالوا: {وما نحن بمعذبين} [سبأ: 35]، ويقولون: {متى هذا الفتح إن كنتم صادقين} [السجدة: 28]، ويقولون: {متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: 48]، وقالوا: {ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} [ص: 16]، فهم مغرورون بالاستدراج والإِمهال فلذلك عقب وعيدهم بالغاية المفادة من {حَتى}، فالغاية هنا متعلقة بمحذوف يدل عليه الكلام من سخرية الكفار من الوعيد واستضعافهم المسلمين في العَدد والعُدد فإن ذلك يفهم منه أنهم لا يزالون يحسبون أنهم غالبون فائزون حتى إذا رأوا ما يوعدون تحققوا إخفاق آمالهم.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ملاحظات:

ـ صفاء القادة الإلهيين:

إحدى خصوصيات القادة الإلهيين هي أنّهم بعكس القادة الشيطانيين، ليسوا بمغرورين ولا متكبرين ولا ممن يدّعون ما ليس فيهم. فإذا كان فرعون ينادي لحماقته: أنا ربّكم الأعلى! وهذه الأنهار تجري من تحتي، فإنّ الإلهيون يرون أنفسهم من أصغر عباد اللّه لشدّة تواضعهم للّه، وما كانوا يحسبون لأنفسهم قدرة أمام إرادة اللّه تعالى، كما نقرأ في الآية (110) من سورة الكهف: (قل إنّما أنا بشر مثلكم يوحي إليّ) وورد في موضع آخر: (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع ما يوحى إليّ وما أنا إلاّ نذير مبين). ونقرأ في آية أخرى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنّي ملك). حتى لو وصلوا إلى ذروة القدرة المادية فإنّهم لا يغترون بها ولا يتيهون فيها كما قال سليمان (عليه السلام): (هذا من فضل ربّي). ومن الطريف أنّ كثيراً من الآيات القرآنية توجّه خطابات حادة إلى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعاتبه ليكون في أمره على حذر. إنّ مجموع هذه الآيات والآيات السابقة هي وثيقة حيّة على أحقّية هذا النّبي العظيم، وإلاّ فما هو المانع من أن يدعي لنفسه المنازل العظيمة فوق ما يدركه البشر وهو يعيش في فئة تتقبل منه ما يدّعيه ومن دون احتجاج وتساؤل من الناس كما أشار التاريخ إلى ذلك في شأن الظالمين. نعم، إنّ هذه التعابير في مثل هذه الآيات تكون شواهد حيّة لأحقّية دعوة الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم).

ـ ليس المهم الكم بل الكيف!

أُخذ هذا الموضوع بنظر الاعتبار في كثير من آيات القرآن، وهو أنّ طاغوت كل زمان يتظاهر بكثرة أعوانه، كما في شأن فرعون عندما كان يستهين بمن مع موسى (عليه السلام) فقال: (إنّ هؤلاء لشرذمة قليلون)، وقال مشركو العرب: (نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين) وكان المعاند يتظاهر بأمواله وأعوانه، ويفتخر بذلك ليغيظ به المؤمنين، ويقول: (أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً).

ولم يكن المؤمنون السائرون على خط الأنبياء يتأثرون بمظاهر الثروة وغيرها، بل كان قولهم هو: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه).

إنّ تاريخ الأنبياء، وبالخصوص تاريخ حياة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يشير كيف أن المعاندين على كثرتهم وامتلاكهم لجميع القدرات انكسروا وعجزوا أمام القلّة القليلة من المؤمنين، وتعكس الآيات القرآنية هذا المعني جيداً وهي تروي قصص بني إسرائيل وفرعون وطالوت وجالوت، وكذلك ما في وقعة بدر والأحزاب.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

وقوله { حتى إذا رأوا } أي الكفار { ما يوعدون } من العذاب والنار { فسيعلمون } حينئذ { من أضعف ناصرا } أنا أو هم { وأقل عددا }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{حَتَّىٰٓ إِذَا رَأَوۡاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعۡلَمُونَ مَنۡ أَضۡعَفُ نَاصِرٗا وَأَقَلُّ عَدَدٗا} (24)

ولما ذكر تلبدهم عليه وقدم ما هو الأهم من أمره من كشف غمومهم{[69259]} بإعلامهم أن ذلك الذي أنكروه عليه هو الذي يحق له ، ومن{[69260]} أنه مع{[69261]} ضعفه عن مقاواتهم هو عن{[69262]} الإعراض عن الله أضعف لأن الله أقوى من كل شيء وأنه لا يسعه إلا امتثال أمره ، وأشار إلى أنهم عاجزون عن{[69263]} سطواته سبحانه بعدم{[69264]} القدرة على الإجارة عليه ، صرح بذلك مهدداً لهم ، فقال مغيياً{[69265]} لتلبدهم عليه : { حتى إذا رأوا } أي بأبصارهم فيه { ما } أي الشيء الذي . ولما كان المنكي من الوعيد بروكه على كل من كان لأجله الوعيد{[69266]} لا كونه{[69267]} من معين قال : { يوعدون } أي ما حصل الإيعاد في الدنيا أو في الآخرة {[69268]}أما في الآخرة{[69269]} فواضح ، وأما في الدنيا فمثل إخراج النبي صلى الله عليه وسلم مع اجتماع{[69270]} المشركين على المكر به لقتله واجتهادهم في ذلك ثم سراياه وغزواته مثل غزوة بدر وغيرها من أيام الله التي ملأت الأرض نوراً وأهل الحق سروراً وحبوراً ، وأهل الباطل خسراً وبوراً ورعباً وهلاكاً وقبوراً { فسيعلمون } أي من ذلك اليوم الذي يكون{[69271]} فيه تأويله بوعد لا خلف فيه ولا طولً لأمده { من أضعف ناصراً } أي من جهة الناصر{[69272]} أنا وإن كنت في هذا الوقت وحيداً مستضعفاً أو هم{[69273]} { وأقل عدداً * } وإن كانوا الآن بحيث لا يحصيهم عدداً إلا الله سبحانه ، فيا لله ما أعظم كلام الرسل حيث يستضعفون{[69274]} أنفسهم من حيث هي ، ويذكرون قوتهم من {[69275]}جهة مولاهم الذي بيده الملك وله{[69276]} جنود السماوات والأرض بخلاف أهل الإلحاد فإنه لا كلام لهم إلا في تعظيم أنفسهم وازدراء من سواهم ، وإذا حاققت أحداً من أتباع أحد منهم قال هذا على لسان النبوة - ونحو هذا من مخادعاتهم{[69277]} .


[69259]:- في ظ: غمهم.
[69260]:- من ظ وم، وفي الأصل: مع.
[69261]:- زيد من ظ وم.
[69262]:- زيد من ظ وم.
[69263]:- زيد من ظ وم.
[69264]:- من ظ وم، وفي الأصل: بعد.
[69265]:- من ظ وم، وفي الأصل: معنا.
[69266]:- زيد في م: من.
[69267]:- من ظ وم، وفي الأصل: لكونه.
[69268]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[69269]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[69270]:- من ظ وم، وفي الأصل: إجماع.
[69271]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا يكون.
[69272]:- من م، وفي الأصل وظ: حجة.
[69273]:- من ظ وم، وفي الأصل: هما.
[69274]:- من ظ وم، وفي الأصل: يضعفون.
[69275]:- من ظ وم، وفي الأصل: لمن.
[69276]:- من م، وفي الأصل وظ: لله.
[69277]:- من ظ وم، وفي الأصل: مخادعتهم.