{ يا أيها المزّمل 1 قم الليل إلا قليلا 2 نصفه أو انقص منه قليلا 3 أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا 4 إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا 5 إن ناشئة الليل هي أشدّ وطئا وأقوم قيلا 6 إن لك في النهار سبحا طويلا 7 واذكر اسم ربك وتبتّل إليه تبتيلا 8 رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا 9 }
المزمل : المتلفّف بثيابه ( النبي صلى الله عليه وسلم ) .
الليل : من غروب الشمس إلى طلوع الفجر .
نصفه وانقص منه قليلا : انقص من النصف قليلا إلى الثلث .
أو زد عليه : إلى الثلثين ، والمراد به التخيير بين قيام النصف ، والناقص منه ، والزائد عليه ، فهو صلى الله عليه وسلم مخيّر بين قيام ثلث الليل أو نصفه أو ثلثيه .
رتّل القرآن : اقرأه بتمهّل وتبيين حروف .
1 ، 2 ، 3 ، 4- يا أيها المزّمل* قل الليل إلا قليلا* نصفه أو انقص منه قليلا* أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا .
أول ما بدئ به صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو في غار حراء ، يتعبد فيه الليالي ذوات العدد ، ثم يعود إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجأه الوحي وهو في غار حراء ، حيث ضمّه الملك ضمّا شديدا حتى بلغ منه صلى الله عليه وسلم الجهد ، وأرسله فقال : اقرأ . قال صلى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ ، أي لا يعرف القراءة ، وتكرر ذلك ثلاث مرات .
ثم قال له : اقرأ باسم ربك الذي خلق . ( العلق : 1 ) .
وعاد صلى الله عليه وسلم إلى مكة فدخل على خديجة ، وأخبرها الخبر ، ثم قال : ( زمّلوني ، دثّروني ) . أي : غطوني ولفّوني في ثياب ، ليهدأ روعه صلى الله عليه وسلمi .
وسورة المزمّل هي السورة الرابعة في النزول ، سبقتها سورة العلق ، ثم ن ، ثم المدّثر ، ثم نزلت المزمّل .
وقيل : كان ذلك تذكيرا له باللحظة التي كان فيها بعد نزول الوحي أوّل مرة ، وناداه الله بذلك تأنيسا لقلبه ، وملاطفة له .
وقيل : يا أيها المزمّل بالنبوة ، والملتزم بالرسالة .
شمّر عن ساعد الجدّ ، واهجر المنام ، واستعدّ للقيام بين يدي الملك العلام ، إنها فترة الإعداد لتلقي الوحي ، والجهاد في سبيل تبليغ الرسالة ، وهذه المهمة تحتاج إلى تعبئة روحية ، وشدة اتصال بين المخلوق والخالق ، أي : استعدّ لقيام الليل ، إلا القليل منه تقضيه في النوم والراحة ، للاستعانة بذلك على تبليغ الرسالة .
أي : قم نصف الليل ، أو أقل من النصف قليلا ، وهو الثلث .
أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا .
أو زد على النصف إلى الثلثين ، فخيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قيام نصف الليل ، أو أقل منه قليلا وهو الثلث ، أو أزيد من النصف وهو الثلثان .
وقيل : خيّر بين قيام نصف الليل ، أو ربعه ، أو ثلاثة أرباعه ، والرأي الأوّل أولى .
اقرأ القرآن في عناية وترتيل وتبيين ، وتجميل للصوت ، وأداء حسن ، فإن ذلك أعون على تبيّن المعاني ، وانشغال القلب مع اللسان .
روى الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( زينوا القرآن بأصواتكم ) .
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن )ii .
أي : يحسّن صوته ويجمّله ، ويهذّبه ويجوّده ، ليعظّم تأثير القرآن في قلوب سامعيه .
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى الأشعري : ( لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود ) . iii . فقال أبو موسى الأشعري : يا رسول الله ، لو كنت أعلم أنك تسمع لحبّرته لك تحبيرا .
{ نصفه } بدل من " قليلا " ؛ أي فلا تقم هذا النصف للصلاة واتخذه للنوم والراحة . ووصف بالقلة للإشارة إلى أن النصف الآخر العامر بالقيام للصلاة بمنزلة الأكثر في الثواب والفضيلة بالنسبة لهذا النصف الخالي منه . { أو انقص منه } أن من هذا النصف الخالي من القيام{ قليلا } حتى يصير ثلثا ، وتكون مدة القيام الثلثين
ولما كان الليل اسماً لما بين غروب الشمس وطلوع الفجر ، وكان قيامه في غاية المشقة ، حمل سبحانه من ثقل ذلك ، فقال مبيناً لمراده{[69385]} بما حط عليه الكلام بعد الاستثناء ، ومبدلاً من جملة المستثنى والمستثنى منه{[69386]} : { نصفه } أي الليل ، فعلم أن المراد بالقليل المستثنى النصف ، وسماه قليلاً بالنسبة إلى جميع الليل ، وبالنسبة إلى النصف الذي وقع إحياؤه ، لأن ما يلي بالعمل أكثر مما لا عمل فيه ، ويجوز أن يكون " نصفه " بدلاً من الليل ، فيكون كأنه قيل : قم نصف الليل إلا قليلاً وهو السدس أو انقص منه إلى الربع ، وجاءت العبارة هكذا لتفيد أن من قام ثلث{[69387]} الليل بل ربعه فما فوقه كان محيياً لليل كله .
ولما كانت الهمم مختلفة بالنسبة إلى الأشخاص وبالنسبة إلى الأوقات قال : { أو انقص منه } أي هذا النصف الذي أمرت بقيامه ، أو من النصف المستثنى منه القليل على الوجه الثاني وهو الثلث { قليلاً * }{[69388]} فلا تقمه حتى لو أحييت ثلث الليل على الوجه{[69389]} الأول أو ربعه على الوجه الثاني كنت محيياً له كله-{[69390]} في{[69391]} فضل الله بالتضعيف
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.