على سرر متقابلين : لا ينظر بعضهم في قفا بعض ، وإنما ينظر في وجهه تواصلا وتحاببا .
42 ، 43 ، 44 –{ فواكه وهم مكرمون* في جنات النعيم * على سرر متقابلين } .
كلمة : { فواكه } ، بدل مما قبلها أي أن هذا الرزق المعلوم هو فواكه ، والمراد بها : ما يؤكل لمجرد التلذذ دون الاقتيات ، وجميع ما يأكله أهل الجنة كذلك حتى اللحم ، لكونهم مستغنين عن القوت ، لأن خلقتهم محكمة محفوظة من التحلل المحوج إلى البدل ، والمراد بالفواكه ، الثمار كلها ، رطبها ويابسها .
قال تعالى : { وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون } . ( الواقعة : 20 ، 21 ) .
وقال تعالى : { ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم . . . } [ محمد : 15 ] .
ومع ذلك تقدم لهم الأطعمة والفواكه وألوان النعيم ، { وهم مكرمون } ، معززون كالملوك والوجهاء والكبراء ، والتكريم هنا إشارة إلى ما يلقونه عند الله تعالى برفع الدرجات ، وسماع كلام الرحمان ، فلا يلحقهم هوان ، وذلك أعظم المثوبات ، وأليقها بأولى الهمم ، أي أن النعيم الإلهي للمؤمنين في الجنة نوعان :
الأول : حسّي ، يشمل الجنة والأنهار والأشجار والثمار والظلال ، والحور العين والطعام والفواكه والخمر والنعيم .
والثاني : معنوي ، يتناول رضوان الله ، والأنس به ، وسماع كلامه ، والاستمتاع برضاه وبركته ورؤيته .
في جنات ليس فيها إلاّ النعيم والتنعّم الحسي والمعنوي .
على سرر يقابل بعضهم بعضا ، لا يرى أحدهم قفا الآخر ، بل تتحرك بهم الأسرة وتدور بهم كيف شاءوا ، تواصلا وتحاببا بالنظر إلى الوجوه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 43]
قوله "فَوَاكِهُ "ردّا على الرزق المعلوم تفسيرا له...
وقوله: "وَهُمْ مُكْرَمُونَ" يقول: وهم مع الذي لهم من الرزق المعلوم في الجنة، مكرمون بكرامة الله التي أكرمهم الله بها "فِي جَنّاتِ النّعِيمِ" يعني: في بساتين النعيم "على سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ" يعني: أن بعضهم يقابل بعضا، ولا ينظر بعضهم في قفا بعض.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
لهم في الجنة ما يستحبون ويختارون، في الدنيا من الجلوس على السّرر على المواجهة والمقابلة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
"متقابلين" يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
يستأنِسُ بعضُهم برؤية بعضٍ، ويستروح بعضُهم إلى لقاء بعض...
لا كلفة عليهم في التلاقي للأنس والتخاطب، وفي بعض الأخبار أنهم إذا أرادوا القرب سار السرير تحتهم، ولا يجوز أن يكونوا متقابلين إلا مع حصول الخواطر والسرائر ولن يكونوا كذلك إلا مع الفسحة والسعة، ولا يجوز أن يسمع بعضهم خطاب بعض ويراه على بعد إلا بأن يقوي الله أبصارهم وأسماعهم وأصواتهم...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان التلذذ لا يكمل إلا مع الأحباب، وكانت عادة الملوك الاختصاص بالمحل الأعلى، بين أنهم كلهم ملوك فقال: {على سرر متقابلين} أي ليس فيهم أحد وجهه إلى غير وجه الآخر على كثرة العدد...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
من كرامتهم عند ربهم، وإكرام بعضهم بعضا، أنهم على {سُرُرٍ} وهي المجالس المرتفعة، المزينة بأنواع الأكسية الفاخرة، المزخرفة المجملة، فهم متكئون عليها، على وجه الراحة والطمأنينة، والفرح.
{مُتَقَابِلِينَ} فيما بينهم قد صفت قلوبهم، ومحبتهم فيما بينهم، ونعموا باجتماع بعضهم مع بعض، فإن مقابلة وجوههم، تدل على تقابل قلوبهم، وتأدب بعضهم مع بعض فلم يستدبره، أو يجعله إلى جانبه، بل من كمال السرور والأدب، ما دل عليه ذلك التقابل...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{سُرر}: جمع سرير وهو ككرسيّ واسع يمكن الاضطجاع عليه، وكان الجلوس على السرير من شعار الملوك وأضرابهم، وذلك جلوس أهل النعيم لأن الجالس على السرير لا يجد مَللاً لأنه يُغيّر جِلسته كيف تتيسّر له.
{مُتَقابِلِينَ}...الظاهر: أن معنى كونهم متقابلين تقابل أفراد كل جماعة مع أصحابهم، وأنهم جماعات على حسب تراتيبهم في طبقات الجنة، وأن أهل كل طبقة يُقسمون جماعات على حسب قرابتهم في الجنة كما قال تعالى: {هم وأزواجهم في ظلال} [يس: 56].
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
أشارت الآيات إلى النعمة الرابعة، وهي استئناس أهل الجنّة بمجالس السمر التي يعقدونها مع أصدقائهم في جوّ ملؤه الصفاء، إذ يجلسون على سرر متقابلة وينظر كلّ منهم إلى الآخر يتذاكرون في كلّ شيء، فمرّة تراهم يتحدّثون عن ماضيهم في الدنيا، وأخرى عن النعم العظيمة التي أغدقها عليهم الباري عز وجل في الآخرة، وأحياناً يستعرضون صفات الجمال والجلال عند الله، وفي أوقات يتحدّثون عن مقام الأولياء وكراماتهم، ويتذاكرون قضايا أخرى قد لا ندركها نحن المسجونون في هذه الدنيا.
قوله تعالى : " على سرر متقابلين " قال عكرمة ومجاهد : لا ينظر بعضهم في قفا بعض تواصلا وتحاببا . وقيل : الأسرة تدور كيف شاؤوا فلا يرى أحد قفا أحد . وقال ابن عباس : على سرر مكللة بالدر والياقوت والزبرجد ، السرير ما بين صنعاء إلى الجابية ، وما بين عدن إلى أيلة . وقيل : تدور بأهل المنزل الواحد . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.