تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

تنزيل القرآن ، وذكر الله ، والصلاة له .

{ إنّا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلا 23 فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا 24 واذكر اسم بكرة وأصيلا 25 ومن الليل فاسجد له وسبّحه ليلا طويلا 26 إن هؤلاء يحبّون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا 27 نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلا 28 إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 29 وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما 30 يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما 31 }

23

التفسير :

5- إنّا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلا .

إنا نحن الإله الحق الذي بيده الخلق والأمر ، قد : نزّلنا عليك القرآن تنزيلا . فهذا القرآن من عندنا ومن أمرنا : نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين . ( الشعراء : 193 ، 194 ) .

وهذا القرآن ليس سحرا ولا شعرا ولا كهانة ، ولا أساطير الأولين كما يدعي الكافرون ، وقد أنزلناه منجما مقسطا في ثلاثة وعشرين عاما ، ولم ننزله دفعة واحدة ، بل أنزلناه مفرقا ليجيب على أسئلة السائلين ، ويثبّت المؤمنين ، ويشرح أحكام الدين ، ويقدّم الأدلة على الوحدانية ، وصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأخبار الأمم السابقة ، ومشاهد القيامة والبعث والحشر والجزاء والعقاب .

فالقرآن كتاب ربنا ، أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم مفرقا لتثبيت فؤاده ، وللرد على أسئلة المشركين وليحمل الدليل على إعجاز القرآن ، فقد تحدّاهم أن يأتوا بمثله ، ثم تحدّاهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، ثم تحدّاهم أن يأتوا بسورة واحدة ، وقد عجزوا في كل هذه المراحل مع طول مدة التحدّي ، ومع الحروب المتتابعة التي حصدت رجالهم ، ويتّمت أطفالهم ، ورمّلت نساءهم ، واستمرار التحدّي ، واستمرار الحاجة إلى الرد على القرآن والرسول ، مع وجود الشعراء والبلغاء والفصحاء ، والخطباء والأدباء ، وأسواق الأدب التي يتبارون فيها بالقصيدة المتميزة والشعر الجيد ، والخطبة الفصيحة ، والقول المتميز ، ثم لم يجرؤ واحد منهم أن يقدم مثل القرآن ، ولا مثل عشر سور منه ، ولا مثل سورة واحدة ، ولزمهم العجز إلى يوم الدين .

كما قال تعالى : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . ( الإسراء : 88 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

إنا نحن أنزلنا عليك يا محمد القرآن من عندنا ، وهو حقٌّ لا ريب فيه لِتذكِّرَ الناسَ بما فيه من الوعد والوعيد ، وتعلّمهم وتهذّبهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

قوله عز وجل :{ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً } قال ابن عباس : متفرقاً آية بعد آية ، ولم ينزل جملة واحدة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

قوله تعالى : " إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا " ما افتريته ولا جئت به من عندك ، ولا من تلقاء نفسك ، فسك ، كما يدعيه المشركون . ووجه اتصال هذه الآية بنا قيل أنه سبحانه لما ذكر أصناف الوعد والوعيد ، بين أن هذا الكتاب يتضمن ما بالناس حاجة إليه ، فليس بسحر ولا كهانة ، ولا شعر ، وأنه حق . وقال ابن عباس : أنزل القرآن متفرقا : آية بعد آية ، ولم ينزل جملة واحدة ؛ فلذلك قال " نزلنا " وقد مضى القول في هذا مبينا{[15704]} والحمد لله .


[15704]:راجع جـ 13 ص 29.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا} (23)

ولما ذكر أنه بين للناس السبيل فانقسموا{[70715]} إلى مبصر شاكر{[70716]} وأعمى كافر{[70717]} ، وأتبعه جزاء الكافرين والشاكرين ، وختمه بالشراب الطهور الذي من شأنه أن يحيي ميت{[70718]} الأراضي كما أن العلم الذي منبعه القرآن يحيي ميت القلوب ، وسكن القلوب بتأييد الجزاء ، وختم الكلام بالشكر كما بدأه به ، وكان نصب ما يهدي جميع الناس أمراً لا يكاد يصدق قال ذاكراً لما شرف{[70719]} به النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا قبل الآخرة ، وجعل الشراب الطهور جزاء له-{[70720]} لما بينهما من المناسبة على سبيل التأكيد ، وأكده ثانياً بما أفاد التخصيص لما لهم من الإنكار ولتطمئن أنفس أتباعه بما حث عليه من الصبر إلى وقت الإذن في القتال : { إنا نحن } أي على ما لنا من العظمة التي لا نهاية لها ، لا غيرنا { نزلنا عليك } وأنت أعظم الخلق إنزالاً استعلى-{[70721]} حتى صار المنزل خلقاً لك { القرآن } أي الجامع لكل هدى ، الحافظ من الزيغ ، كما يحفظ الطب للصحيح صحة المزاج ، الشافي لما عساه يحصل من الأدواء بما يهدي إليه من العلم والعمل ، وزاد في التأكيد لعظيم إنكارهم فقال : { تنزيلاً * } أي على التدريج بالحكمة جواباً للسائل ورفقاً بالعباد{[70722]} فدرجهم في وظائف الدين تدريجاً موافقاً للحكمة ، ولم يدع لهم شبهة إلا أجاب عنها ، وعلمهم جميع الأحكام التي فيها رضانا{[70723]} ، وأتاهم من المواعظ والآداب والمعارف بما ملأ الخافقين وخصصناك{[70724]} به {[70725]}شكراً على{[70726]} سيرتك الحسنى التي كانت قبل النبوة ، وتجنبك كل ما يدنس ، فلما كان بتنزيلنا{[70727]} كان جامعاً للهدى لما لنا من إحاطة{[70728]} العلم والقدرة ، فلا عجب في كونه جامعاً لهدى{[70729]} الخلق كلهم ، لم يدع لهم في شيء من الأشياء لبساً ، وهي ناظرة إلى قوله في القيامة

{ لا تحرك به لسانك }[ القيامة : 16 ] الملتفتة إلى ما في المدثر من أن هذه تذكرة ، الناظرة{[70730]} إلى { أنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً } المشيرة إلى ما في سورة الجن من أمر{[70731]} القرآن ، فالحاصل أن أكثر القرآن في تقرير عظمة القرآن ، فإنه المقصود بالذات لأنه{[70732]} من أمر الآية الكبرى التي إذا ثبتت تبعها جميع المراد من الشريعة وتفريق تقرير شأنه أتقن ما يكون في إحكام أمره ، وذلك أن الحكيم إذا اهتم بشيء افتتح الكلام به ، فإذا رأى من ينكره انتقل إلى غيره على قانون الحكمة ، ثم يصير يرمى به-{[70733]} في خلال ذلك ، رمياً كأنه غير قاصد له ، ولا يزال يفعل ذلك حتى يتقرر{[70734]} أمره غاية التقرير ويثبت في النفس من حيث لا يشعر .


[70715]:من ظ و م، وفي الأصل: فانقلبوا.
[70716]:من ظ و م، وفي الأصل: شاكرا.
[70717]:من ظ و م، وفي الأصل: كافرا.
[70718]:من ظ و م، وفي الأصل: موت.
[70719]:من ظ و م، وفي الأصل: شر.
[70720]:زيد من ظ و م.
[70721]:زيد من ظ و م.
[70722]:من ظ و م، وفي الأصل: للعباد.
[70723]:من ظ و م، وفي الأصل: وصايا.
[70724]:من ظ و م، وفي الأصل: خصصنا.
[70725]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل فقط.
[70726]:تكرر ما بين الرقمين في الأصل فقط.
[70727]:من ظ و م، وفي الأصل: بينى بينا-كذا.
[70728]:من ظ و م، وفي الأصل: الإحاطة.
[70729]:من ظ و م، وفي الأصل: هدى.
[70730]:من ظ و م، وفيالأصل: ناظرة.
[70731]:زيد من ظ و م.
[70732]:من م، وفي الأصل و ظ: فإن.
[70733]:زيد من ظ و م.
[70734]:من ظ و م، وفي الأصل: يقرر.