صحفا منشرة : قراطيس واضحة مكشوفة .
52- بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة .
كان الحقد والحسد يحمل كبراء مكة وعظماءها على عدم الإيمان حجودا وكبرا ، بل كل واحد من هؤلاء الكبراء ، كان يطمع أن ينزل عليه وحي السماء ، مكتوبا في صحف مفتوحة كما كان يكتب القرآن الكريم ، والله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته ، فهو لا يختار الرسل لمنزلتهم المادية ، أو عظم موقعهم المالي ، ولكن لاعتبارات يعلمها الله ، منها الخلق والطهارة والسموّ والأمانة ، ورجاحة العقل والاستعداد للنهوض بأمر الرسالة ، وقد أشار القرآن إلى هذه المعاني .
وقال تعالى : الله أعلم حيث يجعل رسالته . . . ( الأنعام : 124 ) .
وقال تعالى : الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس . . . ( الحج : 75 ) .
وقال سبحانه : وقالوا لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم . ( الزخرف : 31 ) .
وقد بلغ من حنق أبي جهل وجماعة من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم أن قالوا : يا محمد ، ائتنا بكتب من رب العالمين مكتوب فيها : إني قد أرسلت لكم محمدا .
ونظيره ما حكاه القرآن من قولهم : أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزّل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا . ( الإسراء : 93 ) .
أرادوا أن ينزل على كل واحد منهم كتاب من السماء ، فيه : من رب العلمين إلا فلان ابن فلان ، إن محمدا رسول الله فاتبعه .
{ بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة } قال المفسرون : إن كفار قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله أنك لرسوله نؤمر فيه بإتباعك . قال الكلبي : إن المشركين قالوا : يا محمد بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح مكتوباً عند رأسه ذنبه وكفارته ، فأتنا بمثل ذلك ، والصحف : الكتب ، وهي جمع الصحيفة ، و{ منشرة } : منشورة .
قوله تعالى : " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " أي يعطى كتبا مفتوحة ؛ وذلك أن أبا جهل وجماعة من قريش قالوا : يا محمد ! ايتنا بكتب من رب العالمين مكتوب فيها : إني قد أرسلت إليكم محمدا ، صلى الله عليه وسلم . نظيره : " ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه " [ الإسراء : 93 ] . وقال ابن عباس : كانوا يقولون إن كان محمد صادقا فليصبح عند كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار . قال مطر الوراق : أرادوا أن يعطوا بغير عمل . وقال الكلبي : قال المشركون : بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح عند رأسه مكتوبا ذنبه وكفارته ، فأتنا بمثل ذلك . وقال مجاهد : أرادوا أن ينزل على كل واحد منهم كتاب فيه من الله عز وجل : إلى فلان بن فلان . وقيل : المعنى أن يذكر بذكر جميل ، فجعلت الصحف موضع الذكر مجازا . وقالوا : إذا كانت ذنوب الإنسان تكتب عليه فما بالنا لا نرى ذلك ؟
ولما كان الجواب قطعاً : لا شيء لهم في إعراضهم هذا ، أضرب عنه بقوله : { بل يريد } أي على-{[70010]} دعواهم وبزعمهم { كل امرىء منهم } أي المعرضين ، مع ادعائه{[70011]} الكمال في المروءة { أن يؤتى } أي من السماء بناه للمفعول لأن مرادهم معروف { صحفاً } أي قراطيس مكتوبة { منشرة * } أي كثيرة جداً وكل واحد منها منشور لا مانع من قراءته وأخذه ، وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لن نتبعك حتى تأتي كلاًّ منا بكتاب من السماء {[70012]}فيه : من الله{[70013]} إلى فلان اتبع محمداً صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.