تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

{ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير . }

المفردات :

ما انزل الله : أي على الرسول من الشرائع المطهرة .

ما وجدنا عليه آباءنا : يريدون ما عبد آباؤهم من دون الله .

التفسير :

وإذا قيل لكفار مكة أو النضر بن الحارث وأبي بن خلف وأشباههم من المجادلين بالباطل : اتبعوا ما أنزل الله من الوحي والقرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قال هؤلاء المجادلون المكابرون : بل نتبع ما وجنا عليه آباءنا من عبادة الأوثان والتقرب على الأصنام فيصرون على التقليد الأعمى لآبائهم قل لهم يا محمد : أتتبعون الآباء وتصرون على تقليدهم بدون تعقل أو تفكير وإن كان الشيطان هو الذي يوسوس للآباء والأجداد ليصدهم عن طاعة الله ويزين لهم الضلال والكفر وعبادة الأوثان حتى تكون نهايتهم النار وعذابها وسعيرها وأهوالها .

وقريب من الآية قوله تعالى : وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كانا آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون . ( البقرة : 170 ) .

والآية دليل واضح على تحرير الإسلام للعقل والفكر ووجوب النظر في الدليل والحجة والبعد عن التقليد والجمود .

قال الألوسي :

وفي الآية دليل على المنع من التقليد لمن قدر على النظر .

وأما اتباع الغير في الدين بعد العلم بدليل ما أنه محق فاتباع في الحقيقة لما أنزل الله تعالى وليس من التقليد المذموم في شيء وقد قال سبحانه : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . ( النحل : 43 ) .

***

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

" أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير " فيتبعونه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ٱلشَّيۡطَٰنُ يَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} (21)

قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا } إذا قيل لهؤلاء المخاصمين المعاندين : اتبعوا الحق الذي أنزله الله على رسوله وهو كتابه الحكيم والنور الكاشف المبين ؛ ليكون بشيرا ونذيرا للعالمين ، وهاديا للبشرية إلى سواء السبيل ، قالوا في جهالة وعمه وتقليد فاسد مستهجَن { بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا } أبوا إلا التقليد الأعمى باتباع الآباء في عبادتهم السخيفة ؛ إذ كانوا يعبدون أصناما جوفاء صمّا لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل .

قوله : { أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ } يعني أيتبعون آباءهم في عبادتهم ولو كان الشيطان يدعو آباءهم إلى الضلال والشرك وما يفضي بهم إلى النار المستعرة الحامية . والاستفهام للتوبيخ والتبكيت . فما ينبغي لذي عقل أن يقلد السابقين الغابرين ؛ لكونهم آباء وأجدادا إن كانوا أولي ضلال وكفر . وإنما يقلد النبيه الحريص أهلَ الهدى والتقى من المؤمنين الذين استقاموا على منهج الله ، منهج الإسلام{[3657]} .


[3657]:الكشاف ج 3 ص 235، وفتح القدير ج 3 ص 241.