تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (6)

{ وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

التفسير :

إذا أخبر الحق سبحانه خبرا تحقق ، وإذا وعد وعدا فقد صدق وإذا أخبر عن غيب وقع مصداقه واستبان للجاحدين من نور إشراقه ما يؤيد صدق القرآن وإعجازه ، وتحقق سائر ما أخبر به كذلك من ظهور الإسلام على الدين كله وزهوق الباطل وعلو الحق وجعل المستضعفين أئمة ، وإيراثهم أرض عدوهم إلى غير ذلك .

وما ألطف ما قال الزبير الكلائي ، رأيت غلبة فارس الروم ثم رأيت غلبة الروم فارس ، ثم رأيت غلبة المسلمين على فارس والروم ، كل ذلك في خمس عشرة سنة ، من أواخر غلبة فارس إلى أوائل غلبة المسلمين . iv

لقد وعد الله أن ينصر رسله وأن يؤيد المؤمنين وان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ، والله تعالى لا يخلف وعده .

{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

أي : بحكمته في كونه وأفعاله المحكمة ، الجارية على وفق العدل لجهلهم وعدم تفكرهم .

وقال في ظلال القرآن :

وتحقيق هذا الوعد طرف من الناموس الأكبر الذي لا يتغير . { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ولو بدا في الظاهر أنهم علماء وأنهم يعرفون الكثير ، ذلك أن علمهم سطحي بظواهر الحياة ولا يتعمق في سننتها الثابتة وقوانينها الأصيلة ولا يدرك نواميسها الكبرى وارتباطاتها الوثيقة اه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (6)

قوله تعالى : " وعد الله لا يخلف الله وعده " لأن كلامه صدق . " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " وهم الكفار وهم أكثر . وقيل : المراد مشركو مكة . وانتصب " وعد الله " على المصدر ، أي وعد ذلك وعدا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (6)

ولما نزل هذا على قوم أكثرهم له منكر ، أكده سبحانه بما{[52638]} يقوي قلوب أصفيائه بتبيين المراد ، ويرد ألسنة أعدائه عن كثير من العناد{[52639]} ، ويعرفهم أنه كما صدق في هذا الوعد لأجل تفريح أوليائه فهو يصدق في وعد الآخرة ليحكم بالعدل ، ويأخذ لهم حقهم ممن عاداهم ، ويفضل عليهم بعد ذلك بما يريد ، فقال : { وعد الله } أي الذي له جميع صفات الكمال ، وهو متعال عن كل شائبة نقص ، فلذلك { لا يخلف } وأعاد ذكر الجلالة تنبيهاً على عظم الأمر فقال : { الله } أي الذي له الأمر كله . ولما كان لا يخلف شيئاً من الوعد ، لا هذا الذي في أمر الروم ولا غيره ، أظهر فقال : { وعده } كما يعلم{[52640]} ذلك أولياؤه { ولكن أكثر الناس } وهم أهل الاضطراب والنوس { لا يعلمون* } أي ليس لهم علم أصلاً ، ولذلك لا نظر لهم يؤدي إلى أنه وعد و{[52641]} أنه لا بد من وقوع ما وعد به في الحال التي ذكرها لأنه قادر و{[52642]} حكيم .


[52638]:من ظ ومد، وفي الأصل: بأن.
[52639]:في ظ: الفساد.
[52640]:من ظ ومد، وفي الأصل: يسلم.
[52641]:زيد في ظ: على.
[52642]:زيد من ظ ومد.