تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{نُمَتِّعُهُمۡ قَلِيلٗا ثُمَّ نَضۡطَرُّهُمۡ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (24)

{ نمتعهم قليلا ثم نضطرهم على عذاب غليظ }

المفردات :

نضطرهم : نلجئهم ونلزمهم .

عذاب غليظ : عذاب شديد ثقيل ثقل الأجرام الغلاظ .

التفسير :

هؤلاء الكفار يتمتعون في الحياة الدنيا بما يستمتع به الكافر من زينة الدنيا وبهجتها لكنه في الآخرة يلجأ لجوء المضطر إلى عذاب شديد اليم يضيق عليه في جهنم وإذا شاهد ألوان العذاب والضيق رأي أنه لم ير نعيما قط في الدنيا بالنسبة لما هو فيه من ألوان العذاب .

قال تعالى : متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون . ( يونس : 70 ) .

وقد عبر القرآن عن متاع الدنيا بأنه قليل لأن الآخرة هي الحياة الحقيقة البرزخية الأبدية .

قال تعالى : قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا . ( النساء : 77 ) .

وقال سبحانه وتعالى : بل تؤثرون الحياة الدنيا *والآخرة خير وأبقى . ( الأعلى : 16-17 ) .

وفي الحديث النبوي الشريف : إذا دخل المؤمن الجنة قال الله تعالى له : يا عبدي هل رأيت بؤسا قط ، فيقول لا يا رب ما رأيت بؤسا قط ، وإذا دخل الكافر جهنم قال له الله تعالى : يا عبدي هل رأيت نعيما قط ؟ فيقول لا يا رب لم أر نعيما قط " . xiii

فالكافر من هول ما يرى من العذاب الغليظ يهون ويضعف ويذهب في سبيل البعد عنه كل نعيم فيقول : يا رب لم أر نعيما قط ، بجوار ما أنا فيه من العذاب .

قال تعالى : وإن الدار الآخرة لهي الحياة لو كانوا يعلمون . ( العنكبوت : 64 ) .

أي أن الحياة الحقيقة الأبدية السرمدية هي حياة الآخرة .

***

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نُمَتِّعُهُمۡ قَلِيلٗا ثُمَّ نَضۡطَرُّهُمۡ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (24)

{ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا } في الدنيا ، ليزداد إثمهم ، ويتوفر عذابهم ، { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ } أي : [ نلجئهم ]{[672]} { إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي : انتهى في عظمه وكبره ، وفظاعته ، وألمه ، وشدته .


[672]:- زيادة من ب.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{نُمَتِّعُهُمۡ قَلِيلٗا ثُمَّ نَضۡطَرُّهُمۡ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (24)

ولما تشوف المسلم إلى إهلاك من هذا شأنه وإلى العلم بمدة ذلك ، وكان من طبع الإنسان العجلة ، أجاب من يستعجل بقوله {[54108]}عائداً إلى مظهر العظمة التي يتقاضاها إدلال العدو وإعزاز الولي{[54109]} : { نمتعهم قليلاً } أي{[54110]} من الزمان ومن الحظوظ وإن جل ذلك عند من لا علم له ، فلا تشغلوا أنفسكم بالاستعجال عليهم فإن كل آت قريب .

{[54111]}ولما كان {[54112]}إلجاء المتجبرين{[54113]} إلى العذاب امراً مستبعداً ، أشار بأداة البعد إلى ما يحصل عنده من صفات الجلال ، التي{[54114]} تذل الرجال ، وتدك{[54115]} الجبال ، وفيه أيضاً إشارة إلى استطالة{[54116]} المحسنين{[54117]} من تمتيعهم{[54118]} وإن كان قليلاً في الواقع ، أو{[54119]} عند الله فقال : { ثم نضطرهم } أي نأخذهم اخذاً لا يقدرون على الانفكاك عنه بنوع حيلة ، {[54120]}وأشار إلى طول إذلالهم في مدة السوق{[54121]} بحرف الغاية ، فكان المعنى : فنصيرّهم بذلك الأخذ { إلى عذاب غليظ * } أي شديد ثقيل ، لا ينقطع عنهم أصلاً ولا يجدون لهم منه مخلصاً من جهة من جهاته ، فكأنه{[54122]} في شدته وثقله جرم غليظ{[54123]} جداً إذا برك على شيء لا يقدر على الخلاص منه .


[54108]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54109]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54110]:زيد من ظ ومد.
[54111]:العبارة من هنا إلى "عند الله فقال" ساقطة من م.
[54112]:من ظ ومد، وفي الأصل: الحال بير ـ مع تخلل البياض.
[54113]:من ظ ومد، وفي الأصل: الحال بير ـ مع تخلل البياض.
[54114]:من ظ ومد، وفي الأصل: بني.
[54115]:من مد، وفي الأصل: تدل، وفي ظ: تذل.
[54116]:من ظ ومد، وفي الأصل: استطابة.
[54117]:زيد في الأصل: له، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[54118]:من ظ ومد، وفي الأصل: تمتعهم.
[54119]:في ظ "و".
[54120]:العبارة من هنا إلى "فكان المعنى" ساقطة من م.
[54121]:من ظ وم، وفي الأصل: الشوق.
[54122]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: فكان.
[54123]:في ظ ومد: عظيم.