تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

المفردات :

يغشاها : يغطيها ويحجب نورها .

التفسير :

4- والليل إذا يغشاها .

وأقسم بالليل الذي يغطّي الكون ، ويغشى ظلامه الكائنات فيسترها ويغطيها ، ويغشاها فيمتد الظلم ، ويهجد الناس ، وتسكن الجوارح ، وتنام العيون ، ويكون الليل فرصة للهدوء والسكن ، والنوم وراحة الأعصاب ، ولو استمر النهار لتعب الناس وكلّت الجوارح ، وصعب النوم المريح المستقر ، ولو استمر الليل لتعطلت المصالح وملّ الناس من الظلام .

قال تعالى : ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون . ( القصص : 73 ) .

ومن رحمة الله أنه لم يجعل الليل دائما ، ولم يجعل النهار دائما ، بل جعل الليل ليسكن فيه الناس ، وجعل النهار ليعمل الناس ويبحثوا عن أسباب الرزق ، ولعل الناس أن تدرك فضل الله عليها في تعاقب الليل والنهار ، والشمس والقمر ، والظلام والنور ، فيشكروا الله على تسخير هذا الكون بهذا الجمال وذلك الإبداع .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي : يغشى وجه الأرض ، فيكون ما عليها مظلمًا .

فتعاقب الظلمة والضياء ، والشمس والقمر ، على هذا العالم ، بانتظام وإتقان ، وقيام{[1435]}  لمصالح العباد ، أكبر دليل على أن الله بكل شيء عليم ، وعلى كل شيء قدير ، وأنه المعبود وحده ، الذي كل معبود سواه فباطل .


[1435]:- كذا في ب، وفي أ: وانتظام.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني تغشى ظلمته ضوء النهار...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

والليل إذا يغشى الشمس ، حتى تغيب فتظلمَ الآفاقُ . ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ينصرف إلى الأوجه التي ذكرنا أيضا ، أي يغشى الدنيا أو الأرض أو الشمس ، أو يغشى الأبصار بظلمتها عن الخلائق ، والله أعلم . ثم الليل والنهار زيادة سلطان ليست للشمس ولا للقمر ، لأن من سلطان الليل والنهار أنهما يفنيان الآجال ، ويقطعان الأعمار ، ولا يتهيأ لأحد الامتناع والتحرز من سلطانهما ، أو يتهيأ للخلق دفع أذى الشمس والقمر عن أنفسهم بالحيل والأسباب ، فكان في ذكر الليل والنهار زيادة معنى ، ليس ذلك في ذكر الشمس والقمر . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

يعني يغشى الليل الشمس فيزيل ضوءها ، وهذه الآية تقوي القول الأول في الآية التي قبلها من وجهين؛

( الأول ) : أنه لما جعل الليل يغشى الشمس ويزيل ضوءها حسن أن يقال : النهار يجليها ، على ضد ما ذكر في الليل.

( والثاني ) : أن الضمير في يغشاها للشمس بلا خلاف ، فكذا في جلاها يجب أن يكون للشمس حتى يكون الضمير في الفواصل من أول السورة إلى ههنا للشمس ، قال القفال : وهذه الأقسام الأربعة ليست إلا بالشمس في الحقيقة لكن بحسب أوصاف أربعة؛

( أولها ) : الضوء الحاصل منها عند ارتفاع النهار . وذلك هو الوقت الذي يكمل فيه انتشار الحيوان واضطراب الناس للمعاش ، ومنها تلو القمر لها وأخذه الضوء عنها ، ومنها تكامل طلوعها وبروزها بمجيء النهار ، ومنها وجود خلاف ذلك بمجيء الليل ، ومن تأمل قليلا في عظمة الشمس ثم شاهد بعين عقله فيها أثر المصنوعية والمخلوقية من المقدار المتناهي ، والتركب من الأجزاء انتقل منه إلى عظمة خالقها ، فسبحانه ما أعظم شأنه . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والتغشية هي مقابل التجلية . والليل غشاء يضم كل شيء ويخفيه . وهو مشهد له في النفس وقع . وله في حياة الإنسان أثر كالنهار سواء . ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

تماماً كما هو الغشاء الذي يستر ما تحته، فلا تبصر منه شيئاً، ليوحي بغشاءٍ ينساب إلى العيون كمثل الخدر، فيمنحها نعمة النوم التي تمنح الجسد نعمة الراحة والاسترخاء، ويغرق كله في نوم شاملٍ، وهدوءٍ وديع...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

والقَسَم الخامس بالليل : ( والليل إذا يغشاها ) . بالليل بكلّ ما فيه من بركة وعطاء . . . إذ هو يخفّف من حرارة شمس النهار ، ثمّ هو مبعث راحة جميع الموجودات الحية واستقرارها ، ولولا ظلام الليل لما كان هناك هدوء واستقرار ، لأنّ استمرار سطوع الشمس يؤدي إلى ارتفاع في درجة الحرارة وتلف كلّ شيء ، ونفس هذه المشكلة تحدث لو اختل الوضع الحالي لنظام الليل والنهار ...ويلاحظ أن الأفعال المذكورة في الآيات السابقة وردت بصيغة الماضي بينما وردت في هذه الآية بصيغة المضارع ، ولعل هذا الاختلاف يشير إلى أنّ ظهور الليل والنهار من الحوادث التي لا تختص بزمان معين ، بل تشمل الماضي والحاضر . من هنا كانت الأفعال ماضية تارة ومضارعة أخرى لبيان عمومية هذه الحوادث في مجرى الزمان . ...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

قوله تعالى { والليل إذا يغشاها }

أي يغشى الشمس ، فيذهب بضوئها عند سقوطها . قاله مجاهد وغيره . وقيل : يغشى الدنيا بالظلم ، فتظلم الآفاق . فالكناية ترجع إلى غير مذكور .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا} (4)

ولما ذكر معدن الضياء ، ذكر محل الظلام فقال : { والليل } أي الذي هو ضد النهار فهو محل السكون والانقباض والكمون { إذا يغشاها * } أي يغطي الشمس فيذهب ضوءها حين تغيب فتمتد ظلال الأرض على وجهها المماس لنا ، فيأخذ الأفق الشرقي في الإظلام ، ويمتد ذلك الظلام بحسب طول الليل وقصره كما يغطي البدن نور العقل بواسطة طبعه بخبثه ورداءة عنصره ، وذلك كله بمقادير معلومة ، وموازين قسط محتومة ، ليس فيها اختلال ، ولا يعتريها انحلال ، حتى يريد ذو الجلال ، ولم يعبر بالماضي كما في النهار لأن الليل لا يذهب الضياء بمرة بل شيئاً فشيئاً ، ولا ينفك عن نور بخلاف النهار ، فإنه إذا أبدى الشمس ولم يكن غيم ولا كدر جلى الشمس في آن واحد ، فلم يبق معه ظلام بوجه .