تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (23)

{ ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئنهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور }

المفردات :

فننبئهم : فنخبرهم .

ذات الصدور : خبيئة القلوب ودخيلتها .

التفسير :

يقابل القرآن بين موقف المؤمن المستمسك بحبل الله تعالى وموقف الكافر فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تحزن ولا تبتئس بإصرار الكافرين على الكفر وإعراض المشركين عن دعوة التوحيد فكل هؤلاء سيرجعون إلى الله تعالى في الآخرة فيعلمهم بأعمالهم ويحاسبهم ويجازيهم جزاء عادلا من جنس أعمالهم فالله تعالى مطلع على ما في نفوسهم وخبير بخبيئة القلوب ودخيلتها قال تعالى على لسان لقمان الحكيم :

يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير . ( لقمان : 16 ) .

جاء في صفوة التفاسير للشيخ محمد على الصابوني :

{ إن الله عليم بذات الصدور } أي : عليم بما في قلوبهم من الذكر والكفر والتكذيب فيجازيهم عليه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (23)

{ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ } لأنك أديت ما عليك ، من الدعوة والبلاغ ، فإذا لم يهتد ، فقد وجب أجرك على اللّه ، ولم يبق للحزن موضع على عدم اهتدائه ، لأنه لو كان فيه خير ، لهداه اللّه .

ولا تحزن أيضا ، على كونهم تجرأوا عليك بالعداوة ، ونابذوك المحاربة ، واستمروا على غيهم وكفرهم ، ولا تتحرق عليهم ، بسبب أنهم ما بودروا بالعذاب .

فإن { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا } من كفرهم وعداوتهم ، وسعيهم في إطفاء نور اللّه وأذى رسله .

{ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } التي ما نطق بها الناطقون ، فكيف بما ظهر ، وكان شهادة ؟ "

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (23)

قوله تعالى : " ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا " أي نجازيهم بما عملوا . " إن الله عليم بذات الصدور " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (23)

ولما ذكر المسلم ذكر الكافر فقال : { و{[54086]} من كفر } أي ستر ما أداه إليه عقله من أن الله لا شريك له ، وأنه لا قدرة أصلا{[54087]} لأحد سواه ، ولم يسلم وجهه إليه ، فتكبر على الدعاة وأبى{[54088]} أن ينقاد لهم ، اتباعاً لما قاده إليه الهوى . بأن جعل لنفسه اختياراً وعملاً فعل القوي القادر ، فقد ألقى نفسه في كل هلكة لكونه لم يتمسك شيء { فلا يحزنك } أي يهمك ويوجعك ، {[54089]}وأفرد الضمير باعتبار لفظ من لإرادة التنصيص على كل{[54090]} فرد فقال : { كفره } {[54091]}كائناً من كان{[54092]} فإنه لم يَفُتك شيء فيه خير ولا معجز لنا ليحزنك ، ولا تبعة عليك بسببه ، وفي التعبير هنا بالماضي وفي الأول بالمضارع بشارة بدخول كثير في هذا الدين ، وأنهم لا يرتدون بعد إسلامهم ، وترغيب في الإسلام لكل من كان خارجاً عنه ، فالآية من الاحتباك : ذكر الحزن ثانياً{[54093]} دليلاً على حذف ضده أولاً{[54094]} ، وذكر الاستسماك أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً .

ولما كان الحزن بمعنى الهم ، حسن التعليل بقوله {[54095]}التفاتاً إلى مظهر العظمة التي هذا{[54096]} من أخفى{[54097]} مواضعها ، وجمع لأن الإحاطة بالجمع أدل على العظمة : { إلينا } أي خاصة بما لنا من العظمة التي لا تثبت لها الجبال { مرجعهم } أي رجوعهم {[54098]}وزمانه ومكانه أي{[54099]} معنى في الدنيا وحساً يوم الحساب ، لا إلى غيرنا ، ولما بين أنهم في قبضته ، وأنه لا بد من بعثهم ، بين أن السبب في ذلك حسابهم لتظهر الحكمة فقال{[54100]} : { فننبئهم } بسبب إحاطتنا بأمرهم وعقب رجوعهم { بما عملوا } أي ونجازيهم عليه إن أردنا .

ولما كان معنى التضعيف : نفعل معهم فعل منقب عن الأمور مفتش{[54101]} على جليها وخفيها ، جليلها{[54102]} ودقيقها ، فلا نذر شيئاً منها ، علله بقوله {[54103]}معبراً بالاسم الأعظم{[54104]} المفهم للعظمة وغيرها {[54105]}من صفات الكمال التي من أعظمها العلم ، لفتاً للكلام عن العظمة التي لا تدل على غيرها{[54106]} إلا باللزوم ، مؤكداً لإنكارهم شمول علمه { إن الله عليم } أي محيط العلم بما له من الإحاطة بأوصاف الكمال { بذات الصدور* } أي بالأعمال التي هي صاحبتها ، ومضمرة ومودعة فيها ، فناشئة عنها من قبل أن تبرز إلى الوجود ، فكيف بذلك بعد عملها{[54107]} .


[54086]:ليست الواو في الأصل فقط.
[54087]:زيد من ظ وم ومد.
[54088]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أمر.
[54089]:العبارة من هنا إلى "فرد فقال" ساقطة من م.
[54090]:سقط من ظ.
[54091]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54092]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54093]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أولا.
[54094]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ثانيا.
[54095]:العبارة من هنا إلى "على العظمة" سقطت من م.
[54096]:في ظ: هو.
[54097]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: أحق.
[54098]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[54099]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[54100]:زيد من ظ وم ومد.
[54101]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: نفتش.
[54102]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جليها.
[54103]:العبارة من هنا إلى "شمول علمه" ساقطة من م.
[54104]:زيد من مد.
[54105]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[54106]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[54107]:من م ومد، وفي الأصل وظ: علمها.