تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (23)

الآية 23 وقوله تعالى : { ومن كفر فلا يحزنك كفره } حزنا ، تتلف ، وتهلك فيه كقوله : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر : 8 ] فيخرج قوله : { فلا يحزنك كفره } على [ وجوه :

أحدها ]( {[16263]} ) : على التخفيف عليه والتيسير ، وليس على ترك الإشفاق والحزن عليهم لأن رسول الله كادت نفسه تهلك إشفاقا عليهم وحزنا على كفرهم ، فيخرّج ذلك على التخفيف عليه والتسلي .

والثاني : قوله : { فلا يحزنك كفره } لا يحزنك تكذيبه إياك ، فذكر كفره لأنه بتكذيبه ما يصير كافرا ، وهو سبب كفره كقوله : { لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } الآية [ المائدة : 41 ] كان رسول الله يحزن ، ويهتم بتكذيبهم إياه في ما يقول ، ويخبر عن الله ، فيقول : لا يحزنك تكذيبهم إياك فغنهم إلينا يرجعون ، فنجزيهم ، ونكافئهم جزاء التكذيب .

والثالث : { فلا يحزنك كفره } أي فإن ضرر ذلك الكفر عليه( {[16264]} ) لا عليك كقوله : { ما عليك من حسابهم من شيء } الآية [ الأنعام : 52 ] ونحوه من الآيات يأمر( {[16265]} ) رسوله ألا( {[16266]} ) يحزن على كفر من كفر فإن ضرر ذلك يلحقه دونك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إلينا مرجعهم بما عملوا } هذا وعيد ، أي إلينا مرجعهم ، فننبئهم بما غفلوا عنه ، واختاروه في الدنيا ، فيحفظونه ، ويتذكرون ما عملوا ، أي نجزيهم ، ونكافئهم جزاء أعمالهم { إن الله عليم بذات الصدور } أي عالم بما كان منهم ، وما جزاؤهم ، والله أعلم .


[16263]:ساقطة من الأصل وم.
[16264]:في الأصل وم: عليهم.
[16265]:في الأصل وم: يخبر.
[16266]:في الأصل وم: أي لا.