ولما ذكر المسلم ذكر الكافر فقال : { و{[54086]} من كفر } أي ستر ما أداه إليه عقله من أن الله لا شريك له ، وأنه لا قدرة أصلا{[54087]} لأحد سواه ، ولم يسلم وجهه إليه ، فتكبر على الدعاة وأبى{[54088]} أن ينقاد لهم ، اتباعاً لما قاده إليه الهوى . بأن جعل لنفسه اختياراً وعملاً فعل القوي القادر ، فقد ألقى نفسه في كل هلكة لكونه لم يتمسك شيء { فلا يحزنك } أي يهمك ويوجعك ، {[54089]}وأفرد الضمير باعتبار لفظ من لإرادة التنصيص على كل{[54090]} فرد فقال : { كفره } {[54091]}كائناً من كان{[54092]} فإنه لم يَفُتك شيء فيه خير ولا معجز لنا ليحزنك ، ولا تبعة عليك بسببه ، وفي التعبير هنا بالماضي وفي الأول بالمضارع بشارة بدخول كثير في هذا الدين ، وأنهم لا يرتدون بعد إسلامهم ، وترغيب في الإسلام لكل من كان خارجاً عنه ، فالآية من الاحتباك : ذكر الحزن ثانياً{[54093]} دليلاً على حذف ضده أولاً{[54094]} ، وذكر الاستسماك أولاً دليلاً على حذف ضده ثانياً .
ولما كان الحزن بمعنى الهم ، حسن التعليل بقوله {[54095]}التفاتاً إلى مظهر العظمة التي هذا{[54096]} من أخفى{[54097]} مواضعها ، وجمع لأن الإحاطة بالجمع أدل على العظمة : { إلينا } أي خاصة بما لنا من العظمة التي لا تثبت لها الجبال { مرجعهم } أي رجوعهم {[54098]}وزمانه ومكانه أي{[54099]} معنى في الدنيا وحساً يوم الحساب ، لا إلى غيرنا ، ولما بين أنهم في قبضته ، وأنه لا بد من بعثهم ، بين أن السبب في ذلك حسابهم لتظهر الحكمة فقال{[54100]} : { فننبئهم } بسبب إحاطتنا بأمرهم وعقب رجوعهم { بما عملوا } أي ونجازيهم عليه إن أردنا .
ولما كان معنى التضعيف : نفعل معهم فعل منقب عن الأمور مفتش{[54101]} على جليها وخفيها ، جليلها{[54102]} ودقيقها ، فلا نذر شيئاً منها ، علله بقوله {[54103]}معبراً بالاسم الأعظم{[54104]} المفهم للعظمة وغيرها {[54105]}من صفات الكمال التي من أعظمها العلم ، لفتاً للكلام عن العظمة التي لا تدل على غيرها{[54106]} إلا باللزوم ، مؤكداً لإنكارهم شمول علمه { إن الله عليم } أي محيط العلم بما له من الإحاطة بأوصاف الكمال { بذات الصدور* } أي بالأعمال التي هي صاحبتها ، ومضمرة ومودعة فيها ، فناشئة عنها من قبل أن تبرز إلى الوجود ، فكيف بذلك بعد عملها{[54107]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.