السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحۡزُنكَ كُفۡرُهُۥٓۚ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُهُمۡ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (23)

ولما بين تعالى حال المسلم رجع إلى بيان حال الكافر فقال تعالى : { ومن كفر } أي : ستر ما أداه إليه عقله من أن الله تعالى لا شريك له وأن لا قدرة أصلاً لأحدٍ سواه ولم يسلم وجهه إليه { فلا يحزنك } أي : يهمك ويوجعك { كفره } كائناً من كان ، فإنه لم يفتك شيء فيه ولا معجز لنا ليحزنك ولا تبعة عليك بسببه في الدنيا وفي الآخرة ، وأفرد الضمير في كفره اعتباراً بلفظ من لإرادة التنصيص على كل فرد ، وفي التعبير هنا بالماضي وفي الأوّل بالمضارع بشارة بدخول كثير في هذا الدين وأنهم لا يرتدون بعد إسلامهم ، وترغيب في الإسلام لكل من كان خارجاً عنه فالآية من الاحتباك ، ذكر الحزن ثانياً دليلاً على حذف ضدّه أوّلاً ، وذكر الاستمساك أوّلاً دليلاً على حذف ضدّه ثانياً { إلينا } أي : في الدارين { مرجعهم فننبئهم } أي : بسبب إحاطتنا بأمرهم وعقب رجوعهم { بما عملوا } أي : ونجازيهم عليه إن أردنا { إن الله } أي : الذي لا كفء له { عليم } أي : محيط العلم بما له من الإحاطة بأوصاف الكمال { بذات الصدور } أي : لا يخفى عليه سرّهم وعلانيتهم فينبئهم بما أسرّت صدورهم .