تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

17

المفردات :

الحور : واحدتهن حوراء ، من الحَوَر ، وهو شدة بياض العين ، في شدة سوادها .

العين : جمع عيناء ، أي : واسعة العين .

التفسير :

20- { مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } .

في حالة استرخاء وخلو بال ، وتمتع بنعيم الجنة ، وبزوجات جميلات واسعات العيون ، كل واحدة منهن سوداء المقلة ، ممتعة لزوجها ، عاشقة له ، قاصرة الطرف عليه .

قال المفسرون :

فالأسرّة التي يجلسون عليها قد اصطفت بجوار بعضها ، وهم يجلسون عليها جلسة المتكئ الذي لا كلفة عليه ، ولا تكلّف لديه ، فإن من يكون عنده من يتكلّف له لا يجلس ولا يتكئ ، ومن يكون في مهم لا يتفرغ للاتكاء ، فحال أهل الجنة حال اطمئنان ، ورفع كلفة وخلوّ بال ، ونحو الآية قوله تعالى : على سرر متقابلين . ( الصافات : 44 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

{ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ } الاتكاء : هو الجلوس على وجه التمكن والراحة والاستقرار ، والسرر : هي الأرائك المزينة بأنواع الزينة من اللباس الفاخر والفرش الزاهية .

ووصف الله السرر بأنها مصفوفة ، ليدل ذلك على كثرتها ، وحسن تنظيمها ، واجتماع أهلها وسرورهم ، بحسن معاشرتهم ، ولطف كلام بعضهم لبعض{[876]}  فلما اجتمع لهم من نعيم القلب والروح والبدن ما لا يخطر بالبال ، ولا يدور في الخيال ، من المآكل والمشارب [ اللذيذة ] ، والمجالس الحسنة الأنيقة ، لم يبق إلا التمتع بالنساء اللاتي لا يتم سرور بدونهن{[877]}  فذكر الله أن لهم من الأزواج أكمل النساء أوصافا وخلقا وأخلاقا ، ولهذا قال : { وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } وهن النساء اللواتي قد جمعن من جمال الصورة الظاهرة وبهاءها ، ومن الأخلاق الفاضلة ، ما يوجب أن يحيرن بحسنهن الناظرين ، ويسلبن عقول العالمين ، وتكاد الأفئدة أن تطيش{[878]}  شوقا إليهن ، ورغبة في وصالهن ، والعين : حسان الأعين مليحاتها ، التي صفا بياضها وسوادها .


[876]:- في ب: وملاطفة بعضهم بعضا.
[877]:- في ب: إلا بهن.
[878]:- في ب: تطير.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

قوله تعالى : " متكئين على سرر " سرر جمع سرير وفي الكلام حذف تقديره : متكئين على نمارق سرر . " مصفوفة " قال ابن الأعرابي : أي موصولة بعضها إلى بعض حتى تصير صفا . وفي الأخبار أنها تصف في السماء بطول كذا وكذا ، فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت له ، فإذا جلس عليها عادت إلى حالها . قال ابن عباس : هي سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، والسرير ما بين مكة وأيلة . " وزوجناهم بحور عين " أي قرناهم بهن . قال يونس بن حبيب : تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة ، وليس من كلام العرب تزوجت بامرأة . قال : وقول الله عز وجل : " وزوجناهم بحور عين " أي قرناهم بهن ، من قول الله تعالى : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم{[14296]} " [ الصافات : 22 ] أي وقرناءهم . وقال الفراء : تزوجت بامرأة لغة في أزد شنوءة . وقد مضى القول في معنى الحور العين{[14297]} .


[14296]:راجع جـ 15 ص 152.
[14297]:راجع جـ 16 ص 152.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٖ مَّصۡفُوفَةٖۖ وَزَوَّجۡنَٰهُم بِحُورٍ عِينٖ} (20)

ولما كان النعيم لا يتم إلا بأن يكون الإنسان مخدوماً ، نبه عليه بقوله : { متكئين } أي مستندين استناد راحة ، لأنهم يخدمون فلا حاجة لهم إلى الحركة { على سرر مصفوفة } أي منصوبة واحداً إلى جنب واحد ، مستوية كأنها السطور على أحسن نظام وأبدعه ، قال الأصبهاني : والصفة : مد الشيء على الولاء . ولما كان السرور لا يتم إلا بالتنعم بالنساء قال : { وزوجناهم } أي تزويجاً يليق بما لنا من العظمة .

ولما كانت تلك الدار غنية عن الأسباب ، فكانوا غنيين عن العقد ، قال مشيراً بالباء إلى صرف الفعل عن ظاهره فإنه إذا كان بمعنى النكاح تعدى بنفسه ، وتضمين الفعل " قرناهم " أي جعلناهم أزواجاً مقرونين { بحور } أي نساء هن في شدة بياض العين وشدة سوادها واستدارة حدقتها ورقة جفونها في غاية لا توصف { عين * } أي واسعات الأعين في رونق وحسن .