تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

{ وإذ تتلى عليهم ءاياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد ءاباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين( 43 ) وما ءاتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير( 44 ) وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشر ماء أتينهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير( 45 ) } .

المفردات :

آياتنا بينات : آيات القرآن واضحة ظاهرة المعنى بينة الدلالة

قالوا ما هذا إلا رجل : ما محمد إلا رجل من الرجال .

يصدكم : بصرفكم ويمنعكم

عما كان يعبد آباؤكم : من الأصنام .

إفك مفترى : كذب مختلق .

للحق : للقرآن أو دين الإيلام .

سحر مبين : محمد ساحر والقرآن سحر ظاهر .

التفسير :

{ وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد ءاباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين } .

يتجه الكفار إلى النيل من ثلاثة أشياء في هذه الآية :

1- الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

2- القرآن الكريم .

3- الإسلام .

ومعنى الآية : إذ قرأت عليهم آيات القرآن واضحات مشتملة على التشريح والآداب والقصص وألوان البيان قال كفار مكة : محمد ليس رسولا بل هو رجل مثلنا يريد أن يزهدنا في عبادة الأصنام ويصرفنا عن عبادة الآلهة التي كان آباؤنا يعبدونها .

وقالوا : إن القرآن كذب مختلق وليس وحيا من الله وقالوا عن الإسلام ودعوته – وهو حق مبين : ما هذا إلا سحر واضح فمحمد ساحر والقرآن سحر يستولي على الناس ويأخذ بالألباب وفيه قوة خارقة هي السحر وليس الوحي .

لقد كان للقرآن الكريم أثره البالغ في نفوس العرب من جهة بلاغته وفصاحته وبيانه واشتماله على أخبار السابقين وعلى ما في الكون من جمال وجلال واشتماله على أخبار القيامة والحساب والجنة والنار مع صدق القرآن وأثره في زلزلة العقائد الفاسدة ومناقشة العقول والألباب ، وقد أحسن كبراء مكة بهذا الصدق وذلك التأثير فادعوا أن القرآن سحر يؤثر مع أنهم كانوا يتسللون لوذا للاستماع إلى القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ليلا فإذ تقابلوا وواجه بعضهم بعضا تلاوموا واتفقوا ألا يعودوا للاستماع إلى القرآن الكريم خشية أن يراهم الضعفاء والأتباع من المشركين ، فيميلوا إلى سماع القرآن الكريم واتباع النبي الأمين ولذلك كثر تخبط القادة من المشركين في توجيه التهم للقرآن الكريم والرسول الأمين ومن هذه التهم أن القرآن سحر ينزع من آمن به من بين أهله وعشيرته ويفرق بين الأخ وأخيه الابن وأبيه ولو صدقوا مع أنفسهم وما بداخلهم لقالوا إنه وحي من الله تعالى لا يستطيع بشر أن يأتي بمثله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

{ 43 - 45 } { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ * وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }

يخبر تعالى عن حالة المشركين ، عندما تتلى عليهم آيات اللّه البينات ، وحججه الظاهرات ، وبراهينه القاطعات ، الدالة على كل خير ، الناهية عن كل شر ، التي هي أعظم نعمة جاءتهم ، ومِنَّةٍ وصلت إليهم ، الموجبة لمقابلتها بالإيمان والتصديق ، والانقياد ، والتسليم ، أنهم يقابلونها بضد ما ينبغي ، ويكذبون من جاءهم بها ويقولون : { مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ } أي : هذا قصده ، حين يأمركم بالإخلاص للّه ، لتتركوا عوائد آبائكم ، الذين تعظمون وتمشون خلفهم ، فردوا الحق ، بقول الضالين ، ولم يوردوا{[740]}  برهانا ، ولا شبهة .

فأي شبهة إذا أمرت الرسل بعض الضالين ، باتباع الحق ، فادَّعوا أن إخوانهم ، الذين على طريقتهم ، لم يزالوا عليه ؟ وهذه السفاهة ، ورد الحق ، بأقوال الضالين ، إذا تأملت كل حق رد ، فإذا هذا مآله لا يرد إلا بأقوال الضالين من المشركين ، والدهريين ، والفلاسفة ، والصابئين ، والملحدين في دين اللّه ، المارقين ، فهم أسوة كل من رد الحق إلى يوم القيامة .

ولما احتجوا بفعل آبائهم ، وجعلوها دافعة لما جاءت به الرسل ، طعنوا بعد هذا بالحق ، { وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى } أي : كذب افتراه هذا الرجل ، الذي جاء به . { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } أي : سحر ظاهر بيِّن لكل أحد ، تكذيبا بالحق ، وترويجا على السفهاء .


[740]:- كذا في ب، وفي أ: ولم يردوا.