تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أَيَطۡمَعُ كُلُّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُمۡ أَن يُدۡخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٖ} (38)

36

سبب النزول :

ذكر الواحدي في سبب نزول قوله تعالى : أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم .

قال : كان المشركون يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم ، يستمعون كلامه ، ولا ينتفعون به ، بل يكذّبون به ويستهزئون ، ويقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة ، لندخلنّها قبلهم ، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .

التفسير :

38 ، 39- أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم* كلاّ إنّا خلقناهم مما يعلمون .

تجاوز الكفار حدودهم حين قالوا : لئن دخل أتباع محمد الجنة ، وهم فقراء بسطاء ، لندخلنّها قبلهم ، فنحن أفضل منهم في الدنيا ، وسنكون أفضل منهم في الآخرة .

وكان جواب القرآن لهم :

كلا . حرف ردع وزجر .

لقد خلقنا الناس جميعا من منيّ يمنى ، أي أن الله سوّى بين الناس جميعا في الخلق ، وترك لكل إنسان العقل والإرادة ليسك طريقة في الدنيا عن قصد وإرادة واختيار : فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى . ( النازعات : 37- 41 ) .

وفي الحديث الشريف : ( الخلق كلهم عيال الله ، الله ربّهم وهم عباده ، يتفاضلون عنده بالتقوى ، ويدركون ثوابه بالعمل الصالح ) .

وقال تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } ( الحجرات : 13 ) .

وخلاصة المعنى :

أيطمع هؤلاء الكفار –وحالتهم واضحة من الكفر والتكذيب لرسولي- أن يدخلوا الجنة ؟ كلا ، إن أعمالهم تقودهم إلى جهنم ، لقد خلقناهم مما يعلمون ، من نطفة مزرة ، ليعملوا ويطيعوا ، فتكبّروا وأعرضوا ، فصاروا أهلا للنار لا للجنة .

أخرج أحمد ، وابن ماجة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : ابن آدم ، أنّى تعجزني وقد خلقتك من نطفة مزرة ، حتى إذا سوّيتك وعدّلتك مشيت بين بردين ، وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت ، حتى إذا بلغت التراقي أتى أوان الصدقة )xii .