تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{هَٰذَا يَوۡمُ لَا يَنطِقُونَ} (35)

التفسير :

35 ، 36- هذا يوم لا ينطقون* ولا يؤذن لهم فيعتذرون .

في يوم القيامة ساعات متعددة ، في ساعات يسمح لهم بالكلام ، أو الاعتذار عما فعلوه في الدنيا ، وفي ساعات يعم الصمت الرهيب ولا يسمح لهم بالكلام ، أو هم من تلقاء أنفسهم قد اشتدت رهبتهم ، وأهوالهم من شدة ما رأوا ، فلاذوا بالصمت .

قال تعالى : ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون . ( النمل : 85 ) .

قال ابن كثير :

وعرصات القيامة حالات ، والرب تعالى يخبر عن هذه الحالة تارة ، وعن هذه الحالة تارة ، ليدلّ على شدة الأهوال والزلازل يومئذ .

وقال القاسمي :

هذا يوم لا ينطقون .

أي : بحجة ، أو في وقت من أوقاته ، لأنه يوم طويل ، ذو مواقف ، ومواقيت ، أو جعل نطقهم كلا نطق ، لأنه لا ينفع لا يسمع . اه .

وقال الحسن : لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون ، والعرب تقول : أنت لم تقل شيئا ، لمن تكلم بكلام غير مفيد .

فلا ينافي ذلك قوله تعالى على لسان المشركين : والله ربنا كنا مشركين . ( الأنعام : 23 ) .

وقوله تعالى : ولا يكتمون الله حديثا . ( النساء : 42 ) .

وقوله سبحانه : ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون . ( الزمر : 31 ) .

ولا يؤذن لهم فيعتذرون .

لا يسمح لهم بإبداء العذر عما ارتكبوه في الدنيا ، لأنها أعذار مرفوضة ، أو هي كاذبة ، أو أعذار غير موضوعية ، بعد أن قامت الحجة عليهم وثبتت عليهم التهمة .

قال تعالى : لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . . . ( التوبة : 66 ) .

وقال سبحانه : يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون . ( التحريم : 7 ) .

والمراد أنهم ليس لهم عذر ولا حجة فيما ارتكبوا من المفاسد والمنكرات ، وأنه لا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم .