إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلَّا ٱلۡمُجۡرِمُونَ} (99)

وقولهم { وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ المجرمون } بيتمٌ لسبب ضلالهم بعد اعترافِهم بصدوره عنهم لكن لا على معنى قصرِ الإضلال على المُجرمين دونَ منَ عداهم بل على مَعنى قصر ضلالِهم على كونه بسببِ إضلالِهم من غير أنْ يستقلُّوا في تحقُّقهِ أو يكون بسبب إضلال الغيرِ كأنَّه قيل : وما صدرَ عنَّا ذلك الضَّلالُ الفاحش إلا بسبب إضلالِهم . والمرادُ بالمجرمين الذين أضلُّوهم رُؤساؤُهم وكُبراؤُهم ، كما في قولِه تعالى : { رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا } [ سورة الأحزاب ، الآية67 ] وعن السُّدِّيِّ رحمه الله : الأَوَّلُون الذين اقتدَوا بهم . وأيَّا ما كان ففيه أوفرُ نصيب من التَّعريضِ للذين قالُوا بل وجدنا آباءَنا كذلك يفعلون وعن ابنِ جُريجٍ : إبليسُ وابنُ آدمَ القاتلُ لأنَّه أوَّلُ من سَنَّ القتلَ وأنواعَ المعاصِي .