إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ} (89)

{ إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } أي عن مرض الكُفرِ والنِّفاقِ ضرورةَ اشتراطِ نفع كلَ منهما بالإيمان ، وفيه تأييدٌ لكونِ استغفارِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لأبيه طلباً لهدايتِه إلى الإيمانِ لاستحالةِ طلبِ مغفرتِه بعد موته كافراً مع علمِه عليه الصَّلاةُ والسَّلام بعدم نفعه لأنَّه من باب الشَّفاعةِ وقيل : هو استثناءٌ من فاعلٍ ينفعُ بتقدير المضافِ أي الآمال من أو بنو من أتى الله الآيةَ وقيل : المضاف المحذوف ليس من جنس المُستثنى منه حقيقةً بل بضرب من الاعتبارِ كما في قوله [ الوافر ]

[ وخيل قد دلفت لها بخيل ] *** تحيَّةَ بينهم ضربٌ وجيعُ{[602]}

أي إلا حالَ من أتى الله بقلبٍ سليم على أنَّها عبارةٌ عن سلامة القلبِ كأنَّه قيل : إلا سلامةَ قلبِ مَن أتى الله الآيةٍ ، وقيل المضاف المحذوف ما دلَّ عليه المالُ والبنون من الغنى وهو المُستثنى منه كأنَّه قيل : يومَ لا ينفعُ غِنَى إلا غنى من أتى الله الآيةَ لأنَّ غنى المرءِ في دينِه بسلامةِ قلبِه وقيل : الاستثناءُ منقطعُ والمعنى لكن سلامة قلبه تنفعه .


[602]:وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه (ص 149) وخزانة الأدب (9 / 252، 257، 258، 261، 263) وشرح أبيات سيبويه (2 / 200)؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (1 / 345)؛ وشرح المفصل (2 / 80)؛ والمقتضب (2 / 20) والشاهد فيه يجعل "الضرب" تحية عن الاتساع والمجاز