الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ} (35)

{ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه وقيل : حذراً من مطالبتهم إيّاه لما بينه وبينهم من التبعاتّ والمظالم ، وقيل : لعلمه بأنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه من الله شيئاً .

سمعت السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت عبد الله بن طاهر الأبهري يقول في هذه الآية : يفر منهم إذا ظهر له عجزهم وقلّة حيلتهم إلى مَنْ يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد سوى ربّه الذي لا يعجزه شيء ، ويمكن من فسحة التوكّل واستراح في ظل التفويض .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا مخلّد قال : حدّثنا ابن علوية قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا إسحق بن بشر قال : أخبرني شيخ لنا عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال : أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم وأول من يفر من أمه إبراهيم وأول من يفر من إبنه نوح ، وأول من يفر من أخيه هابيل بن آدم ، وأول من يفر من صاحبته نوح ثم لوط ، ثم تلا هذه الآية { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } وقال يروون أن هذه الآية نزلت فيهم .

وأخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس قال : أخبرنا أبو بكر بن محمد بن حمدون بن خالد قال : حدّثنا أبو حنيفة محمد بن عمرو قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا خليد بن دعلج عن قتادة في قول الله سبحانه { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } قال : يفرّ هابيل من قابيل وأمه وأبيه ، قال : يفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه وإبراهيم من أبيه وصاحبته وبنيه ، قال : لوط من صاحبته ونوح من ابنه .