جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا} (70)

وأما قوله : { ذَلِكَ الفَضْلُ مِنَ اللّهَ } فإنه يقول : كون من أطاع الله والرسول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، { الفَضْلُ مِنَ الله } يقول ذلك عطاء الله إياهم وفضله عليهم ، لا باستجابهم ذلك لسابقة سبقت لهم .

فإن قال قائل : أو ليس بالطاعة وصلوا إلى ما وصلوا إليه من فضله ؟ قيل له : إنهم لم يطيعوه في الدنيا إلا بفضله الذي تفضل به عليهم فهداهم به لطاعته ، فكل ذلك فضل منه تعالى ذكره .

وقوله : { وكَفَى باللّهِ عَلِيما } يقول : وحسب العباد بالله الذي خلقهم عليما بطاعة المطيع منهم ومعصية العاصي ، فإنه لا يَخْفَى عليه شيء من ذلك ولكنه يحصيه عليهم ويحفظه حتى يجازي جميعهم ، فيجزي المحسن منهم بالإحسان ، والمسيء منهم بالإساءة ، ويعفو عمن شاء من أهل التوحيد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا} (70)

وقوله تعالى : { ذلك الفضل من الله } رد على تقدير معترض يقول ، وما الذي يوجب استواء أهل الطاعة والنبيين في الآخرة ، والفرق بينهم في الدنيا بيّن ؟ فذكر الله أن ذلك بفضله لا بوجوب عليه ، والإشارة ب { ذلك } إلى كون المطيعين مع المنعم عليهم ، وأيضاً فلا نقرر الاستواء ، بل هم معهم في دار والمنازل متباينة ، ثم قال { وكفى بالله عليماً } وفيها معنى أن يقول ، فسلموا فعل الله وتفضله من الاعتراض عليه ، واكتفوا بعلمه في ذلك وغيره ، ولذلك أدخلت الباء على اسم الله ، لتدل على الأمر الذي في قوله : { وكفى }{[4144]} .


[4144]:- يرى أبو حيان فساد قول من يدعي أن قولك: "كفى بزيد" معناه: اكتف بزيد- وقد وضح ذلك عند تفسير قوله تعالى: {وكفى بالله وليا، وكفى بالله نصيرا}.