تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا} (70)

الآية 70

وقوله تعالى : { ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما } دلت الآية على أن الجزاء إفضال من الله تعالى } ؛ إذ سبق من عنده الإنعام والإفضال عليهم ، فتخرج طاعتهم له مخرج الشكر له ، لا أن عليه ذلك الإنعام الذي أنعم عليه والإفضال {[5916]} .

ويحتمل قوله تعالى : { ذلك الفضل من الله } ما أحسن من الرفعة بينهم فذلك فضل منه . والآية ترد على أصحاب الأصلح{[5917]} لأن تلك الأفعال إنما صارت قربة لله بإنعام من الله تعالى وإفضاله وتوفيقه ، وبه استوجبوا الثواب .

وقوله تعالى : { ذلك الفضل من الله } بعد العلم بأن الفضل هو ما بذل ما لم يكن وبذل ما عليه ، وهو الوفاء لا الفضل في متعارف اللسان والمعتاد . ثم لا يخلو من أن يرجع منه إلى الخيرات التي اكتسبوها ، فيبطل به قول المعتزلة بما لا يخلو من أن كان منه ذلك الفضل أو مثله إلى الكافر أولى . فإن كان منه وجه يستحقه ، وقد كان منه إلى غيره ، فلم ينل تلك الدرجة ، ولا بلع تلك الرتبة ، فبان أنه لا بذلك بلغ من بلغ ، فيكون منه في ما لم يكن .

وأيضا أنه لو لم يكن البذل فضلا لما ذكرت . ثبت أن ليس الحق عليه كل ما به الأصلح في الدين لما يزيل معنى الفضل ، وإن لم يكن إعطاء الكافر مثله . فهو عندهم محاباة منه على المؤمن ، وقد منع بعض ما عليه في الأصلح ، وذلك عندهم بخل ، عز وجل عما وصفوه ، وإن كان ذلك في الثواب . دل أن له أن يثيب حتى يصير ما أثاب عليه فضلا . ولا يحتمل ألا يرضى بطاعة العبد واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم قثبت أن الرضا ليس هو التراد ، والله الموفق .

وقوله تعالى : { وكفى بالله عليما } قيل : { عليما } بالآخرة وثوابها . وقيل : { وكفى بالله عليما } بما وعد من الخير في الآخرة لهؤلاء الأصناف . وعن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[5918]} قال : ( الصديقون هم الذين أدركوا الرسل عليه السلام وصدقوهم ) . وعن أبي ذر رضي الله عنه ( أنه ){[5919]} قال : ( الصديقون المؤمنون } . وقيل الصديقون السابقون الذين سبقوا إلى تصديق النبيين أنعم الله عليهم بالصدق{[5920]} ، والشهداء هم الذين أنعم الله عليهم بالشهادة ، والصالحون{[5921]} هم المؤمنون أهل الجنة .


[5916]:في الأصل وم: فضل من الله.
[5917]:هم المعتزلة.
[5918]:ساقطة من الأصل وم.
[5919]:ساقطة من الأصل وم.
[5920]:في الأصل وم: الصديق.
[5921]:في الأصل: الصالحين.